حقوق الإنسان في الشريعة والقانون

تمهيـــــد

1ـ إن من يتأمل تاريخ الإنسان علي الأرض يتبين له ، أن الإنسان هو الكائن الحي الذي تعرض أكثر من غيره من الكائنات لمحن قاسية علي مدي تاريخ وجوده علي الأرض منذ ظهور الحضارات القديمة ، وما بعدها وحتى العصر الحاضر ، وقد ترتب علي هذه المحن أهدار ــ حقوق الإنسان الأساسية كحقه في الحياة والكرامة والحرية والمساواة والآمن والمأوي والغذاء

2ـ وقد رأينا تقسيم البحث إلى ثلاثــة فصــــول

3ـ الفصل الأول عرض وجيز لحقوق الإنسان في الحضارات القديمة كالحضارة الفرعونية والإغريقية ثم في ظل الحضارة الرومانية ، والقرون الوسطي ثم في العصور الحديثة حتى نهاية ( القـرن التـــاسع عشـــر )

4ـ الفصــل الـثانـي منــذ توقيــع ميثــاق إنشــاء الأمــم المتحــدة فــي

سان فرانسيسكو في26 يونيو 1945 والذي دخل في حيز التنفيذ في 24 أكتـوبر 1945 والذي قرر " نحن شعوب الأمم المتحدة وقد ألينا" "علي أنفسنا أن ننقذ الأجيال المقبلة مـن ويلات الحرب التي في خلال" "جيل واحد جلبت علي الإنسانية أحزاناً يعجز عنها الوصف ، وأن نؤكد" "من جديد إيماننا بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد وقدره وبما" "للرجال والنساء والأمم كبيرها وصغيرها من حقوق متساوية ".

5ـ وتدعيماً لهذه الحقوق والحريات الأساسية لجميع الناس أصدرت الجمعيــة العامــة للأمــم المتحــدة الإعــلان العالمي لحقوق الإنسان في 10/12/1948 والذي أعتبر الخطوة الأولى نحو صياغة " وثيقة دولية لحقوق الإنسان " تكون لها قوة قانونية ومعنوية ، بل والأساس القانوني لمنظومة حقوق الإنسان في إطار القانون الدولي .

6ـ وفي عام 1976 بعد مضي ثلاثين عام علي إصدار هذا التعهد الشامل من جانب الأمم المتحدة أصبحت " الوثيقة الدولية لحقوق الإنسان" حقيقة واقعة بعد أن وضعت موضع التنفيذ ثلاث وثائق هامة هي :ـ

أـ الاتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية .

ب ـ الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية .

جـ ـ البروتوكول الاختياري الملحق بالاتفاقية الأخيرة .

7ـ وتوجب هذه الاتفاقيات علي الدول التي تصدق عليها آن تقر أو تحمي مجموعة كبيرة من حقوق الإنسان ، وطبقاً للمواد الاختيارية تم وضع الإجراءات التي تتيح للأفراد وكذلك الدول آن تقدم شكاوي عن انتهاكات حقوق الإنسان .(1)

8ـ الفصل الثالث حقوق الإنسان في الشريعة الإسلامية حيث تبين وضع الإنسان في الإسلام منذ نشأة خلقه وتكريمه وتفريده بين سائر الكائنات وأسجاد الملائكة له ، وكفالة الكرامة له كانسان من بني أدم الأب الأول للبشرية ، بل آن هذه الحقوق الشاملة للإنسان أرتبط تحقيقها وشمولها بالعقيدة ، وأن الخارج عليها يكون مرتكباً لاثم يستحق عليه المجازاة.

الفصل الأول

الإنسان وحقوقه في الحضارات القديمة

9ـ لاشك آن الحضارات القديمة كالحضارة الفرعونية والبابلية والآشورية والإغريقية خلفت آثارا تدل علي أنها بلغت شأواً بعيداً في التقدم المادي والعمراني ، ولازالت الآثار المصرية القديمة تبهرنا بما وصلت آلية من ازدهار في علوم الطب والتحنيط وفنون النحت والعمارة والقوة الحربية التي قهرت كل ما حولها من بلاد .

10ـ أنه وان كان السائد آن الإنسان كان أداة في يد القوة الباطشة المهيمنة حيث كانت القوة والغلبة الأساس الذي قامت عليه السلطة السياسية بل وقاعدة القانون في المجتمعات القديمة ، وصعود الجماعة المنتصرة مستبعدة غيرها من الجماعات الخاسرة . (2) سواء كان الحاكم هو الفرعون الإله أو ابن الإله أو كان الملك صاحب الحق الإلهي في الحكم أو المفوض من الله حيث كان الملك آلها بكل ما تحويه الكلمة من معني ولذلك فقد كانت" الملكية في مصر القديمة ملكية كهنوتية ،أي هي وظيفة سياسية ممتزجة ومنصهرة بالقوي الدينية الروحية فكل ما يخص الملك والملكية مطبوع بطابع ديني"( 3 ) حيث تكشف دراسات الفلسفة السياسية أن قهـر الإنســان واستعبـاده أرتبـط بنمــط الحكــم المستبــد السـائــد ، فـي تلك الحضارات القديمة

11ـ وفي حين تذهب بعض الدراسات إن الدولة الفرعونية الوسطي كانت " هي الفترة التي أكدت فيها العدالة الاجتماعية وحقوق الرجل العادي . يشير النص التالي إلى آن الإله الخالق يعمل علي جعل كل الناس متســـاويـــن في الوصـول آلي الضــرورات الأساسيـة للحيـاة ، وقـد نقـش هـــذا النص علـي أربعـة تـوابيت مــن البــرشا ، مـن مصــر الوسطــي (2000ق.م )........

12ـ يقول النص " صلوا كونوا موفقين في هدوء ! أردد عليكم أربع وثائق طيبة ، قدمها قلبي الخاص في وسط الحية الملفوفة وذلك لقمع الشر . قدمت أربعة أعمال طيبة داخل بوابة الأفق !"

13ـ "صنعــت الــرياح الأربــع ليتمكن كـل رجــل التنـفس منهـا مثــل زميله في وقته المناسب . يعني عمل " واحد " من ذلك "

14ـ " صنعـت الفيضــان العظيــم ليصبـح للرجـل الفقيــر حقوقــه فيهـا مثل الرجل العظيم . يعني عمل واحد من ذلك "

15ـ " صنعـت كــل رجـل قبــل زميلــه . لــم أقـرر أن يفعلوا شرا ، لكن قلوبهم هي التي نقضت ما قلت . يعني عمل واحد من ذلك " ............... الــــــخ (4)

16ـ والفقــرات السابقــة تعنــي آن " وضــع عبارة مساواة خلق الإله هذه بجانب رواية عصيــان الإنســان للآمــر الإلهي آن الرجل . وليس الإله هو المسئول عن عدم المساواة الاجتماعية " (5)

17ـ وفي الحضارة الإغريقية التي خرجت للوجود في أواخر العصر الألفي الثاني قبل الميلاد(6) والتي تميزت بطريقة مميزة من طرائق الحياة تجسمت في منظمة عليا هي " المدينة الدولة(7) " polis ،City-state" وقد عبر الفيلسوف الهليني بروتاجوراس protagoras في القرن الخامس ق.م عن نظرة " المدينة الدولة " إلى الكون في قولته المشهورة " آن الإنسان هو مقياس كل شي " ـ ويفسر المؤرخ الإنجليزي أرنولد توينبي هذه المقولة بان معناها أن الهلينين رأوا في الإنسان " سيد الخلق "وعبدوه كإله بدلاً من الله . وأنها كانت أصدق واصلب عبادة للإنسان سجلها التاريخ حتى يومنا هذا (8) .

18ـ "آن الآلهة الهلينيه قريبة الصلةبالانسان لأنها خلقت بيد الإنسان علي صورة الإنسان "(9) مثل أبو لو وأبيقور وأغسطس .

19ـ ويقرر توينبي انه " ولم يشعر الهلينيون بالاطمئنان قط لممارستهم عبادة الإنسان ... وكان شاهد قلقهم ذلك الخوف الذي كان يسيطر عليهم من آن يرتكبوا جرم " الهيبريس hybris " أي ذلك الكبرياء والصلف الذين يجلبان علي الإنسان حنق الالهه وعقابهم . ولقد أدرك الهلينيون أنة ليس باستطاعة الإنسان آن يؤلـه نفسه ويفلت من القصاص "(10)

20ـ وقد اشتهرت" المدينة الدولة " الإغريقية بنمط من الديمقراطية يطلق عليه الديمقراطية المباشرة (11) تسمح بمشاركة المواطنين في المسائل السياسية وأمور الحكم ، آلا أنها كانت قاصرة علي طائفة من أهل المدينة " المواطنين الأصليين " ومن عداهم كــان يدخــل فــي عداد العبيد الذين كانوا أداة الخدمة واللهو والزراعة والقتال . كما كان الحال في أثينا(12)

21ـ ويري الدكتور " جورج سباين أن " الديمقراطية المباشرة بمعني حكم بالواسطة الشعب كله ، خرافة سياسية أكثر منها نظاما من نظم الحكم. وفوق ذلك فإن جميع صور الحكومة الإغريقية سواء أكانت حكومة أرستقراطية أم ديمقراطية ( فيما عدا الديكتاتوريات الخارجة عن النطاق القانوني ) قد تضمنت علي الدوام جمعية شعبية تمتعت ولو بنصيب قليل من السلطة الفعلية . (13)

22ـ وعندما غزت إسبرطة " السهل الساحلي لحوض نهر يوروتاس ، عهدت إلى معاملة الشعوب المغلوبة هناك بصرامة وقسوة لم يكونا معهودين في تلك المرحلة من مراحل التاريخ الهليني ، وكان ينظر إلى هؤلاء العبيد واسمهم باليونانية Heilotes وتعني " اسري الحرب " أو " سكان المستنقعات " علي انهم قد أهدروا حقوقهم الإنسانية ومن ثم حقت عليهم العبودية "(14)

23ـ "كان الرق نظاماً عاماً في العالم القديم . وربما كان ثلث سكان" "أثينا من طبقة الأرقاء . ولذلك كان نظام الرق عنصراً مميزاً للنظام" "الاقتصادي في دولة المدينة الإغريقية بمثل ما يتميز النظام الاقتصادي" "الحديث بوجود طبقة أصحاب الأجور . أما من الناحية السياسية فـلم" "تدخل المدينة الإغريقية الأرقاء في حسابها مطلقاً ، وانمـا قـامت" "نظرية الإغريق السياسية علي أساس التسليم بقيام الرق ، بمثل تسليم" "الـقــرون الوسطي "فيما بعد بقيام الطبقات الإقطاعية ، وكمـا يسلـم" "العصر الحاضر بالعلاقة القائمة بين العامل ورب العمل . ولقد رثي" "البعض حال الأرقاء ، علي" حين "دافع آخرون عن نظـام الــرق ،" "لاعن إساءة استعماله والطبقة الرئيسية الثانية في المدينة الإغريقية" "فكان قوامها الأجانب المقيمـون فــي" المدينة "Metics"وربـمــا" "بلغ عددهم حداً كبيراً في مدينة تجارية مثل أثينا" ....وقد كان الأجنبي" "علي شاكلة الرقيق محروماً من المساهمة في الحياة" "السياسية" "للمدينة وذلك رغم كونه حراً ، ورغم عدم تضمن هذا" الحرمان" أي" "مســاس بمكانتـه الاجتـماعية " (15)

24ـ وقد" تفاقمت بلوي العبيد الزراعيين والصناعيين في العالم الهليني ، نتيجة لاتساع نطاق المعاملات التجارية وتقدم العلوم التطبيقية ، بحيث باتت علاقاتهم علاقات غير شخصية تتسم بالقطيعة والجفاء ، والفئة الثانية من فئات المجتمع التي وقع عليها الغرم أيضا كانت ذلك العدد الهائل من الأيدي العاملة الزراعية في مصر وجنوب غرب آسيا الذي ضم برمته إلي مجتمــع العـالــم الهلينــي نتيجــة لفتــوحـات الاسكندر الأكبر "(16)

25ـ ويعد استعمار الهلينين لمنطقة جنوب غرب آسيا ومصر نصراً كبيراً في نظرهم ، آلا انه بالنسبة لتلك البلاد كان عبء الملاك الهلينين اشد وطأة علي كواهلهم من عبء سادتهم السابقين . آما حال العمال الزراعيين في مصر فقد كان اشد بلاء ، لانهم كانوا يخضعون في مصر لسيد واحد مطلق السلطة ومطلق الوجود أيضا آلا وهو الملك البطلمي لقد أراد سقراط آن يبرر الناحية العدوانية لخطته الاستعمارية الكبرى بقولة آن البلاد المغلوبة ستفيد من " الأشراف الهليني " . ولقد وضع البطالمة بالفعل نظم الأشراف واساليبة ولكنهم استخلصوا لانفسهم الأرباح كلها . وفي عهودهم قصت جزة عمال الأرض المصريين حقيقة لامجازاً(17)

26ـ ولم يسلم العالم الإغريقي قبل الاسكندر وبعده من الحروب الطاحنة التي نشبت بين المدن الإغريقية و أودت بالأخضر واليابس فقد دارت الحروب طوال ثلاث وتسعين عاماً (431ـ 338 ق.م) ولم تلبث آن عادت الحروب عاتية وعلي أوسع ناطق بين خلفاء الاسكندر تذكيها الكنوز المنهوبة من الإمبراطورية الفارسية المغلوبة(18)

27ـ والجدير بالذكر الإشارة إلى آن أر سطو ـ الفيلسوف الإغريقي ـ كان يري ـ علي عكس أفلاطون آن النساء يختلفن في الطبيعة عن الرجال وان هذا يستنتج القول بأنهن اقل مرتبة ، ومن ثم لا يقفن علي قدم المساواة المطلقة مع الرجال تلك المساواة التي يراها وحدها قوام العلاقات السياسية في الدولة وبهذا المنطق يقول في العصر الحديث الفقيه بارثلمي " آن العدالة هي آن تفرق في المعاملة بين الاشياءغير المتساوية " (19)

28ـ والطبقة الثالثة هي طبقة المواطنين التي تتمتع وحدها بالحقوق ، ولم يكن معني الحق والعدالة في نظر الفلاسفة الإغريق آلا" الدستور أو تنظيم الحياة المشتركة للمواطنين ، ولم يكن للقانون من غرض آلا تعيين مكان كل فرد في المجتمع ، وتحديد وضعه ووظيفته في الحياة المدنية . وكانت للفرد حقوق ولكنها لم تكن وليدة شخصيته الخاصة ، بل كانت حقوقا تابعة لمركزه في الجماعة . وكانت علي المواطن تكاليف والتزامات غير أنها لم تكن فرائض حملته الدولة اياها ، ولكنها نجمت عن حاجتةلاظهار ـ مواهبه وامكانياتة ـ ومن حسن حظ الإغريقي انه لم يتوهم يوماً من الأيام آن له حقاً موروثاً في آن يفعل ما يشاء ، أو يعتقد انه مكلف بواجباته من قبل الالهه" (20)

29ـ ولازالت الفلسفة السياسية الأوربية تعترف بالمثل العليا التي جاءت في نظرية أرسطو السياسية ومن قبله أفلاطون والتي كانا يعتقدان أنها موجودة في دولة المدينة ، آلا أن الواقع التاريخي يؤكد أنها لم تتحقق في آية مدينة من المدن الإغريقية (21) والتي فقدت ما كان لها من أهمية بعد غزوات الاسكندر الأكبر وانصهار عالم البحر المتوسط ليصبح جماعة واحدة إلي حد بعيد (22)

في ظل الإمبراطورية الرومانية:

30ـ تأكدت سيادة الإمبراطورية الرومانية علي البحر الأبيض المتوسط بعد انتصار روما علي قرطاجة ، واكتملت تلك السيادة بعد معركة اكتيوم البحرية عام 32 ق.م حيث اصبح بعدها اوكتافيوس أول إمبراطور لروما باسم " أغسطس " ، وقد شملت جميع الشعوب التي تسكن حوض البحر الأبيض المتوسط ( 23 )

31ـ " منذ العصور الأولى لروما نجد الشعب منقسم إلي طبقتين : طبقة الأشراف ، وطبقة العامة . أما طبقة الأشراف فهي التي كانت تكون العشائر الرومانية القديمة ، أما العامة فلم تكن داخلة ضمن العشائر الرومانية " . " وكانت طبقة العامة ادني بكثير من طبقة الأشراف فعلي حين كان كافة أفراد هذه الطبقة الأخيرة يتمتعون بجميع الحقوق العامة والخاصة ، نجد أفراد العامة محرومين من مباشرة معظم هذه الحقوق . فلم يكن لهم حق الاقتراع داخل المجالس القديمة ، ولم يكن لهم حق تولي المناصب العامة . ومن ناحية القانون الخاص لم يكن لهم حق الزواج بالأشراف . ولكن كان لهم حق التعامل أي استعمال الطرق الرومانية في تصرفاتهم ، وحق التقاضي " (24 ) .

31ـ " ومن الناحية الاقتصادية كانت طبقة العامة في مركز أدني من مراكز الأشراف ، فقد كانت الثروة العقارية في أيدي الأشراف ،وذلك لان الأرض كانت ملكاً للعشائر الرومانية التي تتكون منها المدينة ... وكان الأشراف يقرضون العامة النقود بفوائد باهظة ولم يغتنن العامة آلا عندما انتشرت التجارة " (25)

32ـ ولم يعترف القانون الروماني للأجانب بالشخصية القانونية مما يعني حرمانهم من كافة الحقوق ، ويستوي في ذلك آن يكون الشخص غير حر أو أجنبيا ، فالنظرة القديمة آلي الأجانب تتلخص في اعتبارهم أرقاء أي يمكن للروماني الاستيلاء عليهم ما دام لا يوجد لهم من يحميهم من الرومان ( 26 )

33ـ وظل الرق عاملاً أساسا في الاقتصاد الروماني وان اختلفت النظرة إلي الرقيق بعد دخول المسيحية روما ، كما استعان الرومان بمبادئ العدالة لتحسين حالة الرقيق فاعترفوا بوجود قرابة طبيعية بين الآباء والأبناء من الرقيق واعتبرت مانعا من الزواج وسبباً من أسباب الإرث كما اعترفوا للرقيق بنوع من الشخصية القانونية . (27 )

34ـ وعندما ظهرت المسيحية عام 30 من الميلاد اعتبرت الحكومة الرومانية آن الدعوة إليها خيانة للإمبراطورية وهدماً لمبدأ الوحدة التي ربطت أجزاء الدولة ، لذلك اضطهد القياصرة هذا الدين الجديد وطاردوا اتباعه إلي الكهوف والخبايا ، وإذا قوهم اشد أنواع العذاب ، ولكن المسيحيين لم يزدهم اضطهاد الرومان وعسفهم آلا اصراراعلي دينهم وتمسكاً بعقائدهم واستعدادهم لبذل ارواحهم واموالهم فداء لها .(28 )

35ـ وفي عام 324 من الميلاد تولي عرش الإمبراطورية الإمبراطور قسطنطين الذي رأي ما علية الجماعات المسيحية من القوة والمعرفة ورجاحة العقل لذا قرر الاعتراف رسمياً بالدين المسيحي .

36ـ ولم تمد روما العالم بنظرية سياسية متكاملة ، ولكنها أرست قواعد نظام قانوني يعتبر الأساس الأول والمصدر التاريخي للنظم القانونية الأوربية في عالم اليوم ، فضلاً عن تقرير الفصل بين السياسية والأخلاق ، وتطور فكرة الشخصية القانونية للدولة وسيادتها التي تمكنها من وضع القانون وتطبيقه ، وبالتالي وجوب طاعة المواطنين له بصرف النظر عن مدي اتساقه مع مبادئ الأخلاق والدين . (29 )

37ـ وكان القناصل وأعضاء مجلس الشيوخ وغيرهم من المسئولين هم أصحاب السلطة في تحديد حقوق الأفراد وواجباتهم ، ولم تكن الإلهه أو المثل العليا أو المبادئ العامة للأخلاق مصدر تحديد لهذه الحقوق والواجبات . ( 30 )

حقوق الإنسان في العصور الوسطي والحديثة إلي بداية القرن العشرين :

38ـ خلال مرحلة العصور الوسطي نلاحظ تعاظم سلطة البابا في مواجهة السلطة الزمنية للإمبراطور ثم للملوك من بعده بمؤازرة بارونات الإقطاع حيث عاشت أوربا احلك أزمان تاريخها تحت سيطرة الإقطاع(31)

39ـ وقد استمر الرق جزء أساسي من الاقتصاد الإقطاعي القائم علي أقنان الأرض وعبيد الزراعة ، وقد انفجرت مشكلة الاسترقاق بعد الكشوف الجغرافية ، واكتشاف الأمريكتين ، وتحول طرق التجارة البحرية إلي راس الرجاء الصالح ، وعمليات القرصنة والسطو المسلح علي القارة الأفريقية واختطاف شبابها ونساءها ليكونا عبيداً أرقاء للسيد الأمريكي الجديد الذي آباد سكان القارة الأصليين بجرائم إبادة حقيقية ، كذلك فان قيام الحملات الصليبية أواخر القرن الحادي عشر التي أشعلت نيران التعصب الديني وحشد الفلاحين والأجراء تحت راية الصليب لإنقاذ مهد المسيح عليه السلام من البرابرة أدت آلي مذابح مروعة للأبرياء العزل من آهل الشام وفلسطين (32 )

40ـ ولعله من العلامات الخطيرة علي إنكار حق الاعتقاد تشكيل ما عرف باسم " محاكم التفتيش " التي ظهرت في أسبانيا وفرنسا وإيطاليا ، بعد سقوط الأندلس ، وقد شكلت الممارسات السوداء لهذه المحاكم علامات خطيرة علي الاستهتار بالحقوق الإنسانية والدينية واهدار ما نصت عليه المسيحية من الرحمة والتسامح واتباع اقسي أنواع التعذيب والتنكيل بالمخالفين في العقيدة والخارجين عن الأيمان كما فهمه رجال محاكم التفتيش .(33)

41ـ ومــن المسائـــل التـــي تستحـــق الإشارة صــدور العهد الأعظم "Magnacharta " عام 1215وهو في الحقيقة وثيقة إقطاعية حصل عليها بارونات الإقطاع من سيدهم الملك الإقطاعي فهي ليست وثيقة حقوق شعبية وانما هي لضمان حقوق بارونات الإقطاع واصلاح طرق فرض وجباية الضرائب وادارة الإقطاعيات وحضور المجلس الأعظم ومنح الإقطاعيين الثانويين حقوق كبار الإقطاعيين وتحديد حقوق الملك في مصادرة الممتلكات بالإضافة إلي تنازلات خاصة بالكنيسة فهي في الحقيقة ليست وثيقة دستورية شعبية بل هي وثيقة إقطاعية . ( 34 )

42ـ ومن ناحية أخرى فقد آدت الحروب العديدة التي اشتعلت في مناطق كثيرة من القارة الأوربية خلال تلك العصورالي المساهمة في أضعاف سلطة البابا والإقطاع مما مهد لانفجار الثورة الفرنسية عام 1789 والتي أعقبها الحروب الأوربية بقيادة نابليون ثم من جاء من بعده إلي مشارف القرن العشرين والتي سقط فيها مئات الألوف من الضحايا المدنين الأبرياء في حروب لاناقة لهم فيها ولا جمل دون آن تكون لهم آية حقوق من أي نوع كان .

43ـ كذلك شهدت هذه العصور اختراع الإله واستخدام البخار ، وبداية الثورة الصناعية خصوصاً في إنجلترا التي شهدت حيفاً علي حقوق العمال والأجراء وانتشار الفقر والبطالة خصوصاً عقب الحروب النابوليونية وارتفاع الضرائب ، وعدم عدالة القانون ، حيث كان القانون الجنائي يحكم علي المذنب بالنفي الي المستعمرات أو الإعدام لارتكابه ذنباً تافهاً كسرقة بقرة أو حرق جرن أو قنص دجاجة برية في غابة بواسطة قروي دفعه الجوع الي هذا الجرم . ( 35)

44ـ وكان من اسواء مظاهر الحياة المحزنة في المصانع الإنجليزية هو استغلال الأطفال الصغار استغلالاً سيئاً قاسياً خالياً من كل رحمة ، وإصدار البرلمان عام 1819م أول القوانين المسماة قوانين المصانع "Factory Laws "لتنظيم عمل الأطفال بها ، بتحديد ساعات عمل الأطفال باثنتي عشرة ساعة ونصف الساعة وحظر تشغيل الأطفال ممن يقل عمرهم عن تسع سنوات في مصانع معينة . وحتى هذا القانون المتواضع كان جداً علي ورق فقد ذكر في البرلمان بعد ذلك آن بعض المصانع كانت تجبرالاطفال علي العمل خمس عشرة أو ست عشرة ساعة (36)

45ـ وقد كان من العقبات الأساسية في إنجلترا في تلك الفترة " احتكار الكنيسة الإنجليزية الرسمية لشئون التعليم احتكاراً تغالت في الحرص عليه ، ومطالب المصانع المفرطة المرهقة ونظرة واطئة رخيصة لنوع التعليم الملائم للأطفال "

ـ وفي سنة 1847 ـ بعد هياج سياسي حاد ـ صدر قانون يحدد ساعات عمل الأطفال والغلمان دون الثامنة عشرة في المصانع . (37)

46ـ ولاشك آن الكشوف الجغرافية الجديدة واكتشاف الطرق البحرية الي العالم الجديد ، وطريق راس الرجاء الصالح قد أدى الي ظهور الحركة الاستعمارية الماحقة التي تسابقت إليها الدول الأوربية وعلي رأسها إنجلترا وفرنسا ومن قبلهما أسبانيا والبرتغال ، والتي آدت الي فرض السيطرة الأجنبية علي أمم وبلاد عديدة في آسيا وأفريقيا ، بل وارتكاب جرائم إبادة الجنس والتفرقة العنصرية والاتجار في البشر وإبادة السكان الأصليين لبعض البلاد كما حدث في أمريكا الشمالية واستراليا ، فضلاً عن نهب ونزح ثروات تلك البلاد وخيراتها وكنوزها وتسخير مواردها جميعا لخدمة المستعمر واهدافة . وهذه الحركات الاستعمارية جميعاً كانت انتهاكاً صارخاً لادمية الإنسان تلك البلاد وحقوقهم التي كفلتها لهم الإنسانية والشرائع السماوية .

الفصل الثاني

حقوق الإنسان

في القرن العشرين و أوائل إلحادي و العشرين

46ـ شهد القرن العشرين حربين عالميتين دارت رحاهما في أرجاء العالم المختلفة في ذلك الحين هما الحرب العالمية الأولى آلتي اشتعلت عام 1914 وانتهت عام 1918 وا لحرب العالمية الثانية التي تفجرت في الرابع عشر من سبتمبر عام 1939 و انتهت باستسلام ألمانيا واليابان عام 1945 .

47ـ فضلا عن حروب ثنائية على سبيل المثال بين اليابان و الصين ، وبين إيطاليا و الحبشة، و حرب الكوريتين و حرب فيتنام و الهند وباكستان ، و أفغانستان و الروس و الشيشان ، والعدوان العراقي على الكويت و حرب تحريرها ثم حرب إبادة النظام العراقي و احتلال البلاد بواسطة الولايات المتحدة الأمريكية و حلفائها و ما وقع في البوسنة والهرسك من إبادة و ترويع و تعذيب للمسلمين البوسنين ، فضلا عما شهدته القارة الأفريقية في رواندا والكونغو و تشاد و الصومال و أثيوبيا وارتيريا .

48ـ و لا يمكن لعربي في مقام سرد فظائع و كوارث الحروب و أثارها المدمرة على العسكريين و المدنيين آن يغفل ذكر العدوان الصهيوني الاستعماري على ارض فلسطين ، و الحروب التي شنها الكيان الصهيوني على بلادنا عدة مرات بمؤازرة قوى كبرى لايمكن أن ننسى شهداؤنا واسرانا الذين قتلهم العدو أحياء فى ارض سيناء ومثل بهم ، لا يمكن ان يغفل العالم عما يرتكبه الصهاينة ضد اخوننا الفلسطنين من قتل واغتيال للبشر ، وتدمير للبيوت والبنى التحتية و اقتلاع للأشجار و اغتصاب للأراضي لا يمكن أن ننسى المسجد الأقصى الأسير تحت الاحتلال الصهيوني ومنع الناس عمدا من الاقتراب منه او زيارته او الصلاة فيه ، أي أن هذه العصابة الصهيونية اغتصبت الأرض وصادرت حقوق الملكية و شردت الملايين فى أرجاء الأرض و قتلت و جرحت مئات آلاف و اعتدت على حق الحياة ، و أسرت الآلاف من النساء و الأطفال و الرجال وصادرت حق الحرية و أهدرت الكرامة ، دمرت البيوت و الشوارع و المحال وانتهكت حق الأمن المشروع لكل إنسان ، جرفت التربة الزراعية و اقتلعت أشجار الزيتون المعمرة و حرمت أهلها منها ( تدمير لمصدر الرزق و الإنتاج )

49ـ و منذ بداية القرن العشرين و السعي الى إقرار معاهدات و اتفاقيات دولية للتخفيف من آثار الحروب و الحفاظ على الحد الأدنى من حقوق الإنسان و منه :ا

1ـ معاهدة لاهاى عام 1907 الخاصة باحترام قوانين واعراف الحرب البرية و ملحق اللائحة المتعلقة بالقوانين والأعراف .

2ـ معاهدة جنيف لعام 1929 الخاصة بأسرى الحرب و معاملتهم و الموقع عليها فى جنيف عام 1929 و التى دخلت حيز النفاذ فى 19 يونيو 1931 .

50ـ اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 الأولى فى شان تحسين حال جرحى مرضى القوات المسلحة فى الميدان ، و الثانية خاصة بتحسين حال جرحى و مرضى و غرقى القوات المسلحة فى البحار و الثالثة بشان معامل أسرى الحرب و الرابعة بشان حماية الأشخاص المدنيين فى وقت الحرب و كذا الملحقين الإضافيين ، الأول متعلق بحماية ضحايا المنازعات الدولية المسلحة و الذى فتح باب التوقيع عليه فى 12 ديسمبر 1977 والثانى متعلق بحماية ضحايا المنازعات المسلحة غير الدولية و فتح باب التوقيع عليه ايضا فى ذات التاريخ 12/12/1997 .

51ـ و ليست الحروب فقط هى التى نالت من حياة الإنسان و حريته و كرامته و حقوقه بل أن الكثير من الأنظمة السياسية فى عالمنا المعاصر ، وعلى رأسها القطب الأوحد الإمبراطوري لا تقيم وزنا لادمية الإنسان اعتقالاً و تعذيباً و قتلاً و تدميراً و انتهاكاً للكرامات فى كل مكان , و تدمير للبلاد الآمنة كما حدث ويحدث فى فلسطين ولبنان و العراق و افغانستان و باكستان و غيرها ، و لم تجد المواثيق الدولية و المعاهدات و إعلانات الحقوق فلا تقيم لها هذه القوي وزنا ، بل أن المثير للسخرية أن بعضهماً يشن حروبا يسميها وقائية واستثنائية تنتهك فيها كل الحقوق تحت دعاوى حماية الإنسان ، و نشر الديمقراطية و القضاء على الديكتاتوريات التى لا تخدم مصالحها و لا تسير فى ركابها.

52ـ ومن اهم المواثيق الدولية التي تناولت حقوق الانسان :

أ) ميثاق الامم المتحدة والذي نص في ديباجته علي : نحن شعوب الأمم المتحدة وقد ألينا علي أنفسنا ان ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب التي في خلال جيل واحد جلبت علي الإنسانية مرتين أحزانا يعجز عنها الوصف ، وان تؤكد من جديد أيماننا بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد وقدرة ، وبما للرجال والنساء والأمم كبيرها وصغيرها من حقوق متساوية "

كما نص الميثاق فى المادة الأولى تحت عنوان مقاصد الهيئة ومبادئها و فى الفقرة الثالثة"....... وعلى تعزيز احترام حقوق الإنسان و الحريات الأساسية للناس جميعا و التشجيع على ذلك إطلاقاً بلا تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين و لا تفريق بين الرجال و النساء "

54ـ و نص فى المادة الخامسة و الخمسون /ج على أن تعمل الأمم المتحدة على " ( ج ) ان يشيع فى العالم احترام حقوق الإنسان و الحريات الأساسية للجميع بلا تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين ،و لا تفريق بين الرجال و النساء ، و مراعاة تلك الحقوق و الحريات فعلا"

55ـ كذلك تناول ذات الحكم فى نص المادة السادسة و السبعون /ج فيما يتعلق بالأقاليم تحت وصاية الأمم المتحدة ( الفصل الثاني عشر من الميثاق )

56ـ وقد نصت المادة السادسة و الثلاثون / 1 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية على أن تشمل ولاية المحكمة جميع القضايا التى يعرضها عليها المتقاضون ، كما تشمل جميع المسائل المنصوص عليها بصفة خاصة فى " ميثاق الأمم المتحدة " أو فى المعاهدات و الاتفاقيات المعمول بها " مما يعنى إمكان أن تكون حقوق الإنسان موضوعا لنزاع دولي تفصل فيه محكمة العدل الدولية "

57ـ (ب) الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948

ـ كان الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذى أصدره الجمعية العامة للأمم المتحدة فى 10/12/1948 فتحا كبيرا فى بناء المنظومة القانونية الدولية لحقوق الإنسان ، و الذى قرر فى ديباجتة الإقرار بما لجميع أعضاء الأسرة البشرية من كرامة أصيلة فيهم و من حقوق متساوية يشكل أساس الحرية و العدل و السلام فى العالم .

58ـ و أن الأمم المتحدة تعتبر هذا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بوصفه المثل الأعلى المشترك الذى ينبغى أن تبلغه كافة الشعوب و كافة الأمم ....... " وقد جاء الإعلان فى ثلاثين مادة نصت الأولى على أن " يولد جميع الناس أحراراً متساويين فى الكرامة و الحقوق . وهم قد وهبوا العقل والوجدان ، وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضا بروح الإخاء ."

و تناولت باقى المواد حق الحياة و الحرية ، و تحريم الرق و الاتجار فيه ومنع التعذيب و الحق فى التمتع بالشخصية القانونية و المساواة أمام القانون و حق التقاضي و عدم جواز الاعتقال التعسفي و الحق فى المحاكمة العادلة و اعتبار المتهم بريئا حتى تثبت إدانته و عدم التدخل فى الحياة الخاصة أو فى شئون الأسرة ، و حرية التنقل و السفر و حق اللجوء السياسى و التمتع بجنسية دولة ما و حق الزواج و تأسيس الأسرة للرجل و المرأة ، وحق التملك والحق فى حرية الفكر و الوجدان و العقيدة ، و حرية الرأي و التعبير و المشاركة فى الاجتماعات و الحق فى إدارة الشئون العامة و حق تقلد الوظائف و حقه فى الضمان الاجتماعي و حق العمل و الحصول على اجر و حق الراحة و أوقات الفراغ حق فى مستوى معيشة يكفى لضمان الصحة و الرفاهية ، حماية الأمومة و الطفولة ، و حق التعليم و حق المشاركة الحرة فى حياة المجتمع و فى نظام اجتماعي و دولي تتحقق فى ظله الحقوق و الحريات و فى ذات الوقت التزام الفرد بواجباته فبل الجماعة . و نصت المادة ثلاثين على انه " ليس فى هذا الإعلان اى نص يجوز تأويله على نحو يفيد انطواءه على تخويل آية دولة آو جماعة أو إي فرد ، إي حق فى القيام بأي نشاط أو بأي فعل يهدف الى هدم اى من الحقوق و الحريات المنصوص عليها فيه"

59ـ و فى السادس عشر من ديسمبر 1966 وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية و الذى يبدا نفاذه فى 23/3/1976 طبقا لنص المادة 49 منه و قد احتوى العهد على ثلاث و خمسين مادة فصلت الحقوق المدنية و السياسية فى المواد من 1 ـ 27 ثم جاءت بقية المواد إجرائية بشان إنشاء للجنة المعنية بحقوق الإنسان و كيفية اختيار أعضائها و طريقة عملها .

و الحقوق التى جاءت فى هذا العهد هى :

1 ـ حق الشعوب فى تقرير مصيرها بنفسها و التصرف الحر فى ثرواتها و مواردها الطبيعية .

2 ـ تعهد كل دولة باحترام الحقوق المعترف بها فيه و كفالتها لمواطنيها .

3 ـ كفالة المساواة بين الرجال و النساء فى كافة الحقوق المدنية و السياسية .

4 ـ اتخاذ التدابير الامنية فى حالات الطوارى الاستثنائية تكون فى اضيق الحدود .

5 ـ الحق فى الحياة .

6 ـ منع التعذيب .

7 ـ منع الرق و السخرة .

8 ـ عدم الاعتقال (حق الحرية ) .

9 ـ حرية التنقل و حرية اختيار مكان الإقامة و الغادرة .

10 ـ عدم جواز أبعاد الأجانب .

11 ـ حق التقاضي .

12 ـ شرعية العقوبات .

13 ـ الاعتراف بالشخصية القانونية لكل إنسان .

14 ـ الحق فى الخصوصية .

15 ـ حرية الفكر و الوجدان و الدين .

16 ـ الحق فى اعتناق ما يشاء من أراء .

17 ـ حظر الدعاية للحرب .

18 ـ حق الاجتماع و حق تكوين الجمعيات .

19ـ الأسرة أساس المجتمع .

20ـ حق الأولاد على الأسرة و حق الطفل فى الجنسية .

21ـ الحقوق السياسية فى الانتخاب و إدارة الشئون العامة .

22ـ المساواة أمام القانون .

23ـ حقوق الاقليات.

60 ـ كما صدر العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية بقرار الجمعية العامة فى 16/12/1966 و الذى ينفذ ابتداء من 3/1/1976 . وذلك لكفالة الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية المنصوص عليها فيها كالحق فى العمل بشروط عادلة و مرضية تكفل مكافأة جميع العمال و العيش الكريم و ظروف عمل تكفل السلام و الصحة و التساوي فى فرص الترفيه و الاستراحة و أوقات الفراغ و كفالة تكوين النقابات و حق الإضراب و حق الضمان الاجتماعي و تقرير الحماية للأسرة التى تشكل وحدة الجماعة الطبيعية و الأساسية فى المجتمع وحماية خاصة للأمهات و الأطفال و المراهقين ، وكفالة مستوى معيشة كاف للتحرر من الجوع و التمتع بأعلى مستوى من الصحة الجسمية و العقلية و الحق فى التربية و التعليم و جعله إلزامياً و حق الفرد فى المشاركة فى الحياة الثقافية .

61 ـ و لامكان تفعيل ضمان الحماية للمبادى التى تنص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و أيجاد الآلية المناسبة لتحديد تلك الحقوق على وجه التفصيل و بين كيفية حمايتها ، وتمكين اللجنة المعنية بحقوق الإنسان من القيام باستلام و نظر الرسائل المقدمة من الإفراد الذين يدعون انهم ضحايا أي انتهاك لأي حق من الحقوق صدر البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية و الذى اعتمد من الجمعية العامة للأمم المتحدة فى 16/12/1966 و تبدا نفاذه من 23/3/1976 .

62ـ وقد شهد النصف الثاني من القرن العشرين موافقة الجمعية العامة للأمم المتحدة على العديد من العهود و الإعلانات و الاتفاقيات فى شان كفالة حقوق الإنسان على أصعدة متعددة أبرزها حماية حقوق السكان الأصليين و القبليين و الحق فى المأوى ، والإعلان الخاص بالحق فى الخصوصية و التضامن الدولي بشان مكافحة الإيدز و منع التمييز العنصري ومنع التميز ضد المرأة و تحريم الرق و العبودية و السخرة و استغلال العمالة و الأعراف و الممارسات المشابهة ، وحماية المسجونين و المحتجزين من فبل سلطات الدولة ، و الاختفاء القشري و المبادى المتعلقة بإدارة العدالة الجنائية و حقوق الطفل .

63ـ و قد انشأ مجلس الأمن المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة عام 1993 و تمارس هذه المحكمة محاكمة الأشخاص المسئولين عن الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي التى ارتكبت على ارض يوغوسلافيا السابقة منذ 1991 .

كذلك أنشئت المحكمة الجنائية الدولية لرواندا عام 1994، كما أنشئت بمقتضي نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية عام 1998 و الى تختص بمحاكمة مرتكبي الإبادة الجماعية و الجرائم ضد الإنسانية كذلك عقدت اتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب و الجرائم و المرتكبة ضد الإنسانية بموجب قرار الجمعية العامة فى 26/11/1968 و تنقذ اعتبارا من 11/11/1970 .

64ـ و لمراجعة كافة الإعلانات و العهود و الاتفاقيات المتعلقة بحقوق الإنسان تشير الى المراجع الجامع للأستاذ الدكتور محمد شريف بسيونى فى مجلدين تحت عنوان " الوثائق الدولية المعنية بحقوق الإنسان " اصدار دار الشروق

ـ وكذلك الى " موسوعة حقوق الانسان " للأستاذ محمد وفيق إصدار الجمعية المصرية للاقتصادي السياسى و الإحصاء و التشريع عام 1970

الفصــل الثالث

حقوق الإنسان في الشريعة الإسلامية

65ـ يتمتع الإنسان في الإسلام بمكانة فريدة ، فهو منذ بدء الخلق يعرف آن الله تعالي خلقه لغاية سامية هي آن يكون خليفته في الأرض قال تعالي " وأذ قال ربك للملائكة آني جاعل في الأرض خليفة، قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ، قال آني اعلم ما لا تعلمون " آية 30 من سورة البقرة

66 ـ ومقتضى هذه الخلافة فان الله خلق الإنسان ونفخ فيه من روحه ، وامر الملائكة آن تسجد له تكريماً وتعظيماً قال تعالي " ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة أسجدوا لأدم فسجدوا آلا إبليس لم يكن من الساجدين " آية 11 سورة الأعراف ، ثم آن هذا الخلق جاء علي احسن صورة قال سبحانه وتعالي "لقد خلقنا الإنسان في احسن تقويم " 4 التين 67ـ ويقرر الإسلام وحدة النوع البشري من حيث الخلق قال تعالي " وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة " 98 الأنعام والمساواة التامة بين المرأة والرجل يقول القران الكريم " يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث فيهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام آن الله كان عليكم رقيباً " 1 سورة النساء ويقول تعالي " هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها " 189 سورة الأعراف ويقول " ومن آياته آن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة آن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون " 21 ـ الروم ويقول " خلقنكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها " 6 ـ الزمر ومقتضى ذلك تقرير المساواة بين الرجل والمرأة والاعتراف للمرأة الشخصية القانونية المستقلة وكفالة كل حقوقها كالرجل سواء بسواء وان لها ذمتها المالية المستقلة عن زوجها كما ابطل الإسلام تقاليد وعادات جاهلية كوأد البنات وتعدد الزوجات إلي غير حد ، وارتكاب المحرمات .

68ـ والإسلام يقرر حق الكرامة للناس كافة في نص صريح واضح يكرم الإنسان حال كونه آنسانا من بني آدم دون نظر الي دينه أو لونه أو عرقه أو جنسه أو غيرها من علامات التمييز والتصنيف قال تعالي" ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم علي كثير ممن خلقنا تفضيلاً " آية 70 ـ الإسراء ، وخاطب الله تعالي الناس كافة مهما اختلفت أصولهم وأعراقهم " يا آيها الناس آنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا آن اكراكم عند الله اتقاكم ان الله عليم خبير " 13 ـ الحجرات ، وقال علية الصلاة والسلام في حجة الوداع " آيها الناس آن ربكم واحد ، وان أباكم واحد ، كلكم لادم وادم من تراب ، أكرمكم عند الله اتقاكم ، وليس لعربي علي أعجمي فضل آلا بالتقوى ، الاهل بلغت اللهم فاشهد قالوا نعم قال فليبلغ الشاهد الغائب"

96ـ والإسلام عندم كفل الكرامة لبني ادم كافة قرر مسئولية الإنسان عن أعماله " كل امرئ بما كسب رهيني " اية 21ـ سورة الطور

وانه محاسب وحده عن أعماله قال تعالي " والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذله " 27 ـ يونس وقال تعالي " يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون " 3 ـ الأنعام وقال تعالي " ومن يكسب آثما فإنما يكسبه علي نفسه " 111 ـ النساء كما حرم اشد التحريم قول الزور واتهام الآخرين بدون دليل أو إلقاء تعبة افعالة علي غيره قال تعالي " ومن يكسب خطيئة أو آثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وآثما مبيناً "112ـ النساء

70 ـ وقد قرر الاسلام للانسان طائفة من الحقوق نذكر منها :

71ـ حرية العقيدة كفل الاسلام للانسان ان يختار بارادتة الحرة الدين الذي يؤمن به ، فاذا اعتنقه جعل الحفاظ عليه الواجب الأول الذي يجب كفالتة ، فلا يكره احد علي الدخول في الاسلام ويوجب صد من يعتدي عليه أو ينال من اتباعه . قال تعالي " لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي " 256 ـ البقرة

72 ـ حق الحياة جعل الاسلام المحافظة علي النفس واجباً اساسياً وحرم قتل النفس التي حرم الله الابالحق ، وجعل القصاص من القاتل حياة للناس جميعاً قال تعالي " ياايها الذين امنوا كتب عليكم القصاص في القتلي " 178 ـ البقرة ، وقال تعالي " ولكم في القصاص حياة يا اولي الالباب لعلكم تتقون " 179ـ البقرة

ـ ويقول الرسول صلي الله عليه وسلم في خطبة حجة الوداع " ايها الناس ان دماءكم واعراضكم حرام عليكم الي ان تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ـ الاهل بلغت اللهم فاشهد فمن كانت عنده امانه فليؤدها الي من ائتمنه عليها "

74ـ الآسرة أتساس المجتمع :

جعل الإسلام الآسرة أساس المجتمع ، والزوجة سكن وصنو للزوج والأبناء ثمرة للزواج ولذلك حرم الإسلام الزنا قال تعالي " ولاتقربوا الزنى انه كان فاحشة وساء سبيلاً " 133 ـ الإسراء ، وحرم العدوان علي الأعراض أو رمي الناس بالآثام الخلقية دون دليل أو برهان " قال تعالي " قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن " 151 الأنعام

وقد آمر الإسلام آن يبر المرء والدية قال تعالي " ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها " 15 ـ الأحقاف وعن رسول اله صلي الله علية وسلم ما معناه حينما سأله أحد الصحابة عن أحق الناس بحسن صحابته قال له " أمك " قال الرجل ثم من قال " أمك " قال ثم من قال " أمك " قال ثم من قال " أبوك " كما آمر الزوج آن يحسن معاملة زوجته حتى وان رأي منها شيئا يكرهه قال تعالي " فان كرهتموهن فعسي آن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيراً " الاية 19 ـ النساء

وقال صلي الله علية وسلم في خطبة حجة الوداع " اما بعد ايها الناس ان لنسائكم عليكم حق ولكم عليهن حق . لكم عليهن ان لا يوطئن فرشهم غيركم ، ولايدخلن احد تكرهونه الاباذنكم ، ولاياتين بفاحشة ، فان فعلن فان الله قد اذن لكم ان تعضلوهن وتهجروهن في المضاجع وتضربوهن ضربا غير مبرح ، فان انتهين واطعنكم فعليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف واستوصوا بالنساء خيرا فانهن عندكم عوان لا يملكن لانفسهن شيئا،وأنكم إنما آخذتموهن بامانه الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله فاتقوا الله في النساء واستوصوا بهن خيرا ، الاهم بلغت اللهم فاشهد "

75ـ حق الملكية والحفاظ علي المال :

كفل الإسلام للإنسان آن يسعي في الأرض آمنا مطمئنا في سبيل تحصيل رزقه قال تعالي " يا آيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا " 168 البقرة مهما كان نوع سعيه تاجرا أو عاملا أو موظفا أو غيره من سبل الكسب الحلال ، وجعل له الحق في تملك ثمرة كسبه والاستمتاع به وحرم العدوان عليه أو سرقته أو استلابه أو مصادرته بغير حق . قال تعالي " هو الذي جعل لكم ما في الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه واليه النشور " 15 ـ الملك ، وقال ياايها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا الله آن كنتم إياه تعبدون " 172 ـ البقرة

76ـ حق العلم : جعل الإسلام طلب العلم فريضة يتساوى في شانها الرجال والنساء وقد قرر الحق سبحانه آن آدم اختاره الله خليفه واسجد له الملائكة بفضل ما امتاز به عليهم من علم ، وجاءت آيات القران تحض علي طلب العلم في أول سورة نزلت من القران" أقرا باسم ربك الذي خلق . خلق الإنسان من علق . أقرا وربك الأكرم . الذي علم بالقلم . علم الإنسان ما لم يعلم ." الآيات من 1ـ 5 سورة العلق

77ـ حق السعي فى الأرض

و قرر الإسلام هذا الحق ليدفع الإنسان ألي الحركة و الرحلة قال تعالى "هو الذي خلق لكم ما فى الأرض جميعا "29/البقرة سواء كان هدف الحركة كسب العلم أو المال أو الاستمتاع الحلال بما خلق الله فى الأرض قال تعالى "أفلم يسيروا فى الأرض فنظروا " 109/يوسف و قال تعالى " الذى جعل لكم فى الأرض مهدا و سلك لكم فيها سبلا "53/ طه قال تعالى " وهو الذى جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا مناكبها و كلوا من رزقه واليه النشور"15/الملك

78ـ حرية الرأي و الفكر

كرم الله الإنسان بالعقل و الذى جعله مناط التكليف و الالتزام بالإحكام ، وآمره بالحفاظ على هذا العقل و استخدامه فى التأمل فى مخلوقاته سبحانه للعلم و العبرة كما حرم عليه ما يذهب بالعقل من خمراً أو مخدرات أو غيرها كما كفل له أن يكون حرا فى رأيه و فكره.

و كما يقول الاستاذ عباس العقاد " مكان الانسان فى القران الكريم هو اشرف مكان له فى ميزان الفكر و فى ميزان الخليقة الذى توزن به طبائع الكائن بين عامة الكائنات "(38)

قال تعالى " او لم يتفكروا فى انفسهم ما خلق الله السماوات و الأرض و ما بينها ألا بالحق و اجل مسمى " 8 الروم

79ـ و يقول العقاد كذلك " إن الرسالة التى لم يعرف قط فى التاريخ البشرى قبل الإسلام هى تمييز الإنسان بخاصة التكليف و أعداده لخطاب العقل و بينات الإقناع(39)

وقال تعالى " ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة و لكن ليبلوكم فيما اتاكم فاستبقوا الخيرات "48/ المائدة

80ـ حق الاستمتاع بالزينة و بطيبات الحياة:

ـ الزينة للعبادة واجبة كوجوبها لمقاصد الدنيا و مطالب المعيشة قال تعالى مخاطباً الناس كافة :

" يا بنى آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد و كلوا واشربوا ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين . قل من حرم زينة الله التى اخرج لعباده و الطيبات من الرزق "الآية 31،32/ الأعراف

وقال تعالى " ولقد مكناكم فى الأرض و جعلنا لكم فيها معايش " /10 الأعراف

و قال تعالى و ابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة و لا تنس نصيبك من الدنيا " 77/ القصص

و قال تعالى " قد خلت من قبلكم سنن فسيروا فى الأرض "137/ ال عمران

81 حقوق القضاء

قال تعالى " أن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها و إذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل" الآية 58/سورة النساء

و الأمانة هى كل نوع من أنواعها مهما كان ، و العدل مأموربه لكل ذي نفس مهما كان معتقده أو جنسيه

قال تعالى " ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا ، اعدلوا هو اقرب للتقوى " آية 8/المائدة و قد وصف الله المؤمنين بأنهم الذين " لأماناتهم و عهدهم راعون " 32 المعارج

وقال تعالى " أن الله يأمر بالعدل و الإحسان " 90/ النحل وقال تعالى " ولا تتبعوا الهوى أن تعدلوا "135 / النساء

و لذلك فان كفالة حق التقاضى لكل البشر لقضاء عادل يحكم بالحق هو حق أساسي كفله الإسلام.

وروى عن رسول الله صلى الله عليه و سلم ما معناه " قاض فىالجنة و قاضيان فى النار ، أما الأول عرف الحق و قضى به اما الثاني فهو عرف الحق و لم يقض به ، و الثالث لم يعرف الحق و لم يقض به "

82ـ حرمة المسكن وحق الخصوصية

نص القران حازما على تحريم اقتحام البيوت أو تسورها لدخولها من غير أبوابها ، كما حرم دخولها بغير أذن مسبق من أصحابها قال تعالى " وليس البر بان تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى و أتوا البيوت من أبوابها و اتقوا الله لعلكم تفلحون "189/البقرة ، وقال تعالى " يا أيها الذين أمنوا لا تدخلو بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا و تسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون ، فان لم تجدوا فيها احداً فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم و أن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم و الله بما تعملون عليم "27 ،28// سورة النور

ومقتضى ذلك حرمة الاقتحام للبيوت مطلقا و خصوصا فى اوقات الراحة او النوم كما احترم حق الإنسان فى سرية مراسلاته و أوراقه فلا يباح النظر فيها بغير أذن منه.

83ـ و الخلاصة ان جماع الحقوق هو تكريم الإسلام للإنسان كانسان ، من ثم تحريم أي مساس بهذه الكرامة من اى ناحية ،و مما يعمق هذه المعاني السامية أن الإسلام جعل هذه الحقوق أحكاماً دينية يتعبد بها فان من يعتدى على انسان ـ بغير حق ـ او ينتقص حق من حقوقه يكون مرتكبا لاثم واجب العقاب عليه فى الدنيا و الآخرة ، و يجعل من احترام هذه الحقوق مرتكزا فى ضمير المسلم و قلبه يلتزمه طاعة لله تعالى و ليس خوفا من قهر أو سلطة

84ـ و يبقى ان نقول فى الختام أن للإسلام منظومة كاملة فى قواعد الحرب و معاملة الأسري و الحرص علــي معاملة المدنيين غير المحاربين من الشيوخ و الأطفال و النساء ، كذلك فى آداب التعامل مع البلاد و العباد و البيئة مما يحتاج الى أفراد أبحاث مستقلة فى شان الكلام عنه أن شاء الله

85ـ ثم نقول أن البشرية قد خطت خطوات ثابتة محمودة بمعاونة الأمم المتحدة و وكالائها نحو كفالة الحقوق الأساسية للإنسان و اثراء احكام القانون الإنساني الدولي ، ومهما كانت التجاوزات و التعديات فان الغد مشرقا بالأمل فى كفالة عيش آمن رغبد لبنى الإنسان متحررين من أوزار الماضي والامه راعين بالخير و السلام والامان لسائر الناس.

و الله ولى التوفيق .

المستشار عبد الجليل محمد عبد الدايم

نائب رئيس هيئة قضايا الدولة

ص ب 265 المعادي

هوامش البحث

1ـ الوثيقة الدولية لحقوق الانسان ـ اصدار ادارة الاعلام العام ـ الامم المتحدة 1981 مطابع دار الشعب ـ سبتمبر

2ـ مبادى تاريخ القانون ـ د/ صوفي ابو طالب طبعة 1376 هـ 1957ص 43

3ـ الملكية الالهية فى العصر المتاخر ـ اعداد د/ عائشة محمود عبد العال ص9 وما بعدها ـ مطابع المجلس الاعلى للاثار ـ القاهرة 2004

4ـ نصوص الشرق الادنى القديمة المتعلقة بالعهد القديم الجزء الاول ـ الاساطير و القصص و النصوص الجنائزية المصرية ـ نشر جيمس بيريتشاد ـ تعريب وتعليق د /عبد الحميد زايد ص 44/45 طبعة هيئة الاثار المصرية ـ القاهرة

5ـ المرجع السابق ص 138 بند 65

6ـ تاريخ الحضارة الهلينية ص 19 ارنولد توينبىـ ترجمة رمزى جرجسـ مراجعة د/ صقر خفاجة طبع هيئة هذا الكتاب

7ـ تاريخ الحضارة الهلينية المرجع السابق ص 27

8 ـ تاريخ الحضارة الهلينية المرجع السابق ص29

9 ـ تاريخ الحضارة الهلينية المرجع السابق ص30

10ـ تاريخ الحضارة الهلينية المرجع السابق ص 37

11ـ تتتاريخ الحضارة الهلينية المرجع السابق ص36

12دكتور عثمان خليل مقدمته لكتاب " تطور الفكر السياسى " لجورج سباين جـ1 ص 22 ترجمة حسن جلال العروسى ص 2، 3، 4 طبع دار المعارف ـ مصر 1954

13ـ تاريخ الحضارة الهليننية المرجع السابق ص76

14ـ تطور الفكر السياسى جورج سباين جـ 1 المرجع السابق ص6

15ـ تاريخ الحضارة الهلينية ـ المرجع ص 77

16ـ تطور الفكر السياسى جـ 1 المرجع السابق ص 2، 3 ،4

17ـ تاريخ الحضارة الهلينية ـ المرجع السابق ص222 ، ص223

18 تاريخ الحضارة الهلينية ـ المرجع السابق ص 224

19ـ تاريخ الحضارة الهلينية ـ المرجع السابق ص 235

20ـ د / عثمان خليل فى مقدمته لكتاب تظور الفكر السياسى ـ سباين جـ 1 ص 34 مرجع سابق

21ـ تطور الفكر السياسى ـ سباين جـ1ص 19 مرجع سابق ص 159

22ـ تطور الفكر السياسى ـ سباين جـ 2 ص 233

23ـ تاريخ حوض البحر الابيض المتوسط و تياراته السياسية محمد رفعت ص36 ، جورج سباين تطور الفكر السياسى جـ 2 ص202

24ـ مبادى القانون الرومانى د/ محمد عبد المنعم بدر ، د/ عبد المنعم البدراوى طبع دار الكتاب العربى 1956 ص27

25ـ مبادى القانون الرومانى المرجع السابق ص28

26ـ مبادى القانون الرومانى ـ المرجع السابق ص72 ، صوفى ابو طالب ـ مبادى تاريخ القانون ص150

27ـ جورج سباين ـ تطور الفكر السياسى جـ2 ص202 مرجع سابق

28ـ تاريخ حوض البحر الابيض المتوسط ـ المرجع السابق ص39

29ـ جورج سباين جـ 2 المرجع السابق ص 199

30ـ جورج سباين جـ2 ـ المرجع السابقص203

31ـ تاريخ حوض البحر الابيض المتوسط ـ المرجع السابق ص41

32ـ موسوعة تاريخ العالم جـ 2 وليم لانجر ص592

33ـ محاكم التفتيش د/ على مظهر طبع 1947

محاكم التفتيش فى ايطاليا د / رمسيس عوض طبع2002

محاكم التفتيش للدكتور رمسيس عوض طبع 2001

34ـ موسوعة تاريخ العالم جـ 2ص542

35ـ تاريخ اوربا فى العصر الحديث (1789ـ 1950) تاليف هـ . ا. ل فيشر ترجمة احمد نجيب هاشم ، وديع الضبع ـ الطبعة الثامنة ـ دار المعارف بمصر ص 151

تتاريخ اوروبا فى العصر الحديث المرجع السابق ص152

36ـ تاريخ اوروبا فى العصر الحديث المرجع السابق ص 153

37ـ الوثائق الدولية المعنية بحقوق الانسان المجلد ص 32 د/ شريف بسيونى

38ـ الانسان فى القران الكريم ص23 ـ عباس محمود العقاد ـ دار الهلال

للمستشار / عبد الجليل محمد عبد الدايم

نائب رئيس هيئة قضايا الدولة