سمو المحاماة ورفعتها

يولد المحامي محامياً
أما القاضي فتصنعه الأيام إن وظيفة المحامي تتطلب من العبقرية والخيال أكثر مما تطلبه وظيفة القاضي إذ لاشك أن التوفيق إلى استنباط الحجج القوية المؤثرة في الدعوى أصعب فنياً من مجرد اختيار الحجج المناسبة المقدمة من الطرفين لتأسيس الحكم عليها .
من كتاب(قضاة و محامون) نقيب محامي روما "بييرو كالمندري"
آخر الأخبار

2019-08-16

نص قانون المحاماة الجديد أطاح بقانون المرافعات


بعد التصديق علي قانون المحاماة الجديد 147 لسنة 2019 والخاص بتعديل بعض نصوص مواد قانون المحاماة 17 لسنة 1983 نجد نص مادة مستحدثه هذه المادة قد أطاحت بقانون المرافعات وأحكام محكمة النقض وهذه هي الإشكالية الكبرى فبعد صدور هذا القانون فقد اصبح هناك طريقاً سيفتح علي وزارة العدل وابلاً كثيرا من القضايا وهي قضايا استرداد أتعاب المحاماة ومن هنا سيكون هناك إشكاليه تعرضت لها وزارة العدل وايضا نقابه المحامين ولعل هذه المادة المستحدثة تكون طريقاً للكشف عن مصير أتعاب المحاماة وطريق انفاق أتعاب المحاماة علي المحامين فهي مادة أراد الله ان تكون وسيله لكشف الحساب عن أتعاب المحاماة وطريقه أنفاقها علي المحامين والذين تعرضوا خلال الفترات السابقة البعض منهم لازمات مرضيه تحتاج الي نفقات كثيرة فاذا تدخل نقيب المحامين أو احد أعضاء المجلس بصرف مبلغ لمحامي مريض فهذا ليس امتنان وفضل علي المحامي أنما هو حق من الحقوق المفروضة علي النقابة وهناك فرق بين الفرض والسنه فالفرض هو امر محتوم ويعتبر حق أما السنه فهي مسألة تخضع في تقديرها الإعانات للمحامي وهذا ليس مجال مقالتنا ففي هذه المقالة سوف نشرح ما تم تحديثه في نص المادة 187 من قانون المحاماة وتعارضها مع نص المادة 184 ، 185 من قانون المرافعات واليكم نص المادة المستحدثة في قانون المحاماة .
المادة 187 من قانون المحاماة المعدل نصت علي :- " علي المحكمة من تلقاء نفسها وعند اصدرا حكمها ان تلزم من خسر الدعوي بأتعاب المحاماة لصالح صندوق الرعاية الصحية والاجتماعية بحيث لا تقل علي الاتي :-
1 – خمسين جنيها في الدعاوي المنظورة أمام المحاكم الجزئية .
2 – خمسه وسبعون جنيها في الدعاوي المنظورة أمام المحاكم الابتدائية والإدارية .
3 – مائه جنيه في الدعاوي المنظورة أمام محاكم الاستئناف ومحاكم القضاء الإداري .
4 – مائتي جنيه في الدعاوي المنظورة أمام محاكم النقض والإدارية العليا والدستورية العليا .
وتحصل أتعاب المحاماة مع الرسوم القضائية عند قيد الدعاوي .
وعلي المحكمة في الدعاوي الجنائية ان تحكم بأتعاب المحاماة التي يندب فيها محام بحيث لا تقل عن الاتي :-
1 – مائتي جنيه في دعاوي الجنح المستأنفة .
2 – ثلاثمائة جنيه في الدعاوي الجنايات .
3 – خمسمائة جنيه في دعاوي النقض .
ويحصل في قضايا التحكيم مبلغ خمسمائة جنيه كأتعاب محاماة تحصل مع الرسوم القضائية عند إيداع حكم المحكمين بالمحكمة المختصة ."
وهذه هي نص المادة سالفه البيان فاذا نظرنا الي نص المادة في الشق الأول من حيث الأعراب والكناية والموصوف سنجد أنها تتحدث عن خاسر الدعوي وذلك بالقول " علي المحكمة من تلقاء نفسها وعند إصدار حكمها ان تلزم من خسر الدعوي بأتعاب المحاماة " فهذا القول هو تعبير عن الموصوف لخاسر الدعوي أما القول الأخر والتي تبنته المادة ناقض شقها الأول فالشق الثاني من المادة هي الزام علي من يقيم دعواه ان يسدد أتعاب المحاماة مقدماً فكيف يكون هناك الزام علي شخص كسب دعواه بان يسدد أتعاب المحاماة فمثلاً دعوي فسخ تعاقدي بها نص صريح بالفسخ في العقد وتم إقامة دعوي بالفسخ أي ان صاحب الحق أقام دعواه للمطالبة بالفسخ والمحكمة عند حكمها في الفسخ فهي تقرر الفسخ الموجود في العقد ولا تنشئ الفسخ فكيف لصحاب حق يدفع أتعاب المحاماة قبل إقامة دعواه فاذا تم القضاء له بالحكم بالفسخ وقد قام بسداد مبلغ أتعاب المحاماة مقدماً فهل سيلجأ الي إقامة دعوي استراد علي وزارة العدل ونقابه المحامين باسترداد مبلغ أتعاب المحاماة ام يكون له الحق في إقامة دعوي إثراء بلا سبب علي وزارة العدل أو نقابه المحامين .
كما ان نص المادة المستحدثة في قانون المحاماة ناقضت نص المادة 184 من قانون المرافعات فقد نصت المادة 184 علي :- " يجب على المحكمة عند إصدار الحكم الذي تنتهي به الخصومة أمامها أن تحكم من تلقاء نفسها في مصاريف الدعوى ويحكم بمصاريف الدعوى على الخصم المحكوم عليه فيها ويدخل في حساب المصاريف مقابل أتعاب المحاماة وإذا تعدد المحكوم عليهم جاز الحكم بقسمة المصاريف بينهم بالتساوي أو بنسبه مصلحة كل منهم في الدعوى على حسب ما تقدره المحكم  ولا يلزمون بالتضامن في المصاريف إلا إذا كانوا متضامنين في أصل التزامهم المقضي فيه ".
ونصت ايضاً المادة 185 مرافعات علي :- " للمحكمة أن تحكم بإلزام الخصم الذي كسب الدعوى بالمصاريف كلها أو بعضها إذا كان الحق مسلما به من المحكوم عليه أو إذا كان المحكوم له قد تسبب فى إنفاق مصاريف لا فائدة فيها أو كان قد ترك خصمه على جهل بما كان فى يده من المستندات القاطعة فى الدعوى أو بمضمون تلك المستندات "
وقد قضت محكمة النقض :- " شرط الحكم بالزام الخصم الذي كسب الدعوي بالمصروفات كلها او بعضها اذا كان الحق مسلماً به من المحكوم عليه حسبما تقضي المادة 185 مرافعات هو ان يكون التسليم بالطلبات من المحكوم عليه قبل رفع الدعوي "
( الطعن رقم 1822 لسنة 85 ق جلسه 13 / 12 / 1991 )
فما سارت عليه محكمة النقض تطبيقاً لنصوص المواد 184 ، 185 من قانون المرافعات هو الواقع القانوني وان مخالفته يعتبر من قبيل الانتهاك الصارخ للقانون الإجرائي للمرافعات كما ان محكمة النقض أوضحت مصاريف الدعوي وذلك بالقول السديد :- " الحكم بالمصاريف لا يستند الي طلبات الخصوم أو قيام تضامن بينهم أو استقلال كل منهم عن الأخر أنما تقضي به المحكمة طبقاً للقواعد القانونية التي نصت عليها المواد 184 وما بعدها من قانون المرافعات أما التقدير فانه يصدر من رئيس الدائرة التي أصدرت الحكم بأمر علي عريضة يقدمها صاحب المصلحة في ذلك وإذ كان الحكم المطعون فيه قضي علي الطاعنين بالمصاريف لانهم خسروا الطعن بالاستئناف فهذا حسبه دون ان يكون لزاماً عليه ان يحدد نصيب كل محكوم عليه "( الطعن رقم 822 لسنة 56 ق جلسه 23 / 1 / 1991 )
فحكم النقض الأخير قد قطع كل حديث عن ان المحكمة تطبق القواعد القانونية المنصوص عليها في قانون المحاماة ويأتي قانون جديد مستحدث يضرب بذلك عرض الحائط فهذا يعتبر من قبيل الأخلال الصارخ بالعدالة القضائية وانتهاكاً للقانون لأنه الزم رافع الدعوي بأداء الأتعاب مقدماً مخالفاً بذلك قانون المرافعات والتي الزمت الخاسر فشق الدفع المقدم للأتعاب في الدعوي قل اخل بالقواعد القانونية المعمول بها وفتحت الباب علي مصراعيه في إقامة دعاوي قضائية ضد وزارة العدل ونقابه المحامين في شأن استراد أتعاب المحاماة لكاسب الدعوي .
 ونأتي الي الشق الجنائي المنصوص عليه في المادة المستحدثة نجد ان النص الجديد ان هذه الأتعاب هي ما يتقاضاها المحامي المنتدب في الدعاوي الجنائية وهي الثلاث بنود المنصوص عليها فهنا لابد من وجود كشف بالمحامين المنتدبين فاين هذا الكشف داخل نقابه المحامين ؟ أو النقابات الفرعية ؟ وانا اتحدي بصفتي محاميا أترافع أمام محاكم الجنايات منذ عدة عقود ان اجد كشف يخص المحامين المنتدبين داخل المحكمة فما يحدث هو وجود عدد من المحاميين داخل قاعه الجنايات يقومون بإملاء أسمائهم الي سكرتير الجلسة وعند بداية الجلسة يتم سؤال المتهمين عن وجود محامين لهما من عدمه وفي حاله عدم وجود محامين يقوم سكرتير الجلسة بالتوجه الي رئيس الدائرة لإخطار سيادته بان هناك عدد من المتهمين ليس لديهم محامي وهذا كشف بأسماء المحامين الموجودة يتم توزيع القضايا عليهم للمرافعة اخر الجلسة فاين نقابه المحامين من ذلك وأين أعضاء النقابات الفرعية من ذلك وأين كشوف الانتداب لكل المحامين علي مستوي الجمهورية حتي يكون هناك مبدأ في المساواة والعدالة القضائية ؟؟؟؟
فاذا نظرنا الي نص المادة المستحدثة نجد أنها حقا خلقت مشاكل كثيرة لوزارة العدل وايضاً نقابه المحامين لأنها ستفتح بوابه كبري في الحساب بالنسبة لأتعاب المحاماة ونشكر القائمين علي استخراج هذه المادة الي النور لأنها أصبحت طريقاً للشفافية بالنسبة لأتعاب المحاماة أما في شأن شطب بعض المحامين قضاياهم فهذا شأن لا يتعلق بأتعاب المحاماة أنما شأن يتعلق ما بين المحامي وموكله فيما بينهما وان الزام الموكل في السير في الدعوي بعد حلها صلحاً يعتبر درباً من دروب الخيال بل ومن الممكن ان تحدث فجوة ما بين المحامي وموكله فان الحديث عن شطب الدعوي لا يعتبر حديث يرتقي الي مستوي القانون لوجود قواعد نظمها القانون في ذلك ومنصوص عليها في قانون المرافعات .
وأخيرا وليس اخراً فاني قد وضعت البذرة الأولي للمحامين في هذه المقالة لكي يكون مدخلاً لأتعاب المحاماة ووجه أنفاقها واستفادة المحامين بها وان هناك فرق ما بين الحق كأجراء تقوم به النقابة للوقوف بجانب المحامي المريض ودفع مصاريف علاجه مهما بلغت وما بين ما يتم دفعه كإعانات لبعض المحامين فنحن لا نريد تطبيلاً ولا تهليلاً في حق من الحقوق بل نريد تطبيلاً وتهليلاً بما يتم دفعه من إعانات حتي نعرف من هو الشخص الذي يرتزق من نقابه المحامين .
بقلم
اشرف طلبه
المحامي