سمو المحاماة ورفعتها

يولد المحامي محامياً
أما القاضي فتصنعه الأيام إن وظيفة المحامي تتطلب من العبقرية والخيال أكثر مما تطلبه وظيفة القاضي إذ لاشك أن التوفيق إلى استنباط الحجج القوية المؤثرة في الدعوى أصعب فنياً من مجرد اختيار الحجج المناسبة المقدمة من الطرفين لتأسيس الحكم عليها .
من كتاب(قضاة و محامون) نقيب محامي روما "بييرو كالمندري"
آخر الأخبار

2011-11-11

العنف ضد المرأة


تطور الاهتمام بظاهرة العنف ضد المرأة
يرتبط العنف ضد المرأة ارتباطا وثيقا بعلاقات القوى غير المتكافئة بين الرجال والنساء والتمييز القائم على النوع الاجتماعي ويتفاعل معهما. ويشكل الحق القائم في عدم التعرض للعنف والتمييز القائمين على العرق أو الجنس أو التعبير أو الهوية أو العمر أو النسب أو الدين وكذلك الكرامة المتأصلة والمتكافئة لكل امرأة ورجل وطفل, أساسا لحقوق الإنسان.
إن العنف ضد النساء هو نتيجة للتراكمات التاريخية غير المتساوية بين الرجال والنساء والتي أدت إلى الهيمنة والتمييز ضد النساء من قبل الرجال والى منع التقدم الكامل للمرأة , وهذا العنف ضد النساء هو احد الآليات الاجتماعية الحاسمة التي أجبرت بها المرأة على التنازل عن احتلال مواقع متساوية مع الرجل.
وقد لقي العنف ضد المرأة اهتماما متناميا من الأمم المتحدة كونه شكلا من أشكال التمييز ضد المرأة وانتهاكا لحقوقها الإنسانية, وألزم المجتمع الدولي نفسه بحماية حقوق الفرد امرأة كان أو رجلا, وكرامته بمعاهدات وإعلانات متعددة.[1]
هذا ويعد ميثاق الأمم المتحدة الذي اعتمد في سان فرانسيسكو سنة 1945 أول معاهدة دولية تشير في عبارات محددة إلى تساوي الرجال والنساء في الحقوق . إذ ورد في ديباجته ( .... وان نؤكد من جديد إيماننا بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد وقدره وبما للرجال والنساء والأمم كبيرها وصغيرها من حقوق متساوية ....) كما ورد في المادة الأولى من الميثاق وفي الفقرة (3) منها أن من ضمن مقاصد الأمم المتحدة تعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعا والتشجيع على ذلك إطلاقا بلا تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين ولا تفريق بين الرجال والنساء.
تلا الميثاق , وتحديدا في سنة 1948 , الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ليؤكد ذات المبدأ وهو مبدأ المساواة في الحقوق الإنسانية للرجال والنساء وذلك في ديباجة الإعلان وكذلك في المادة (2) منه.
وفي سنة 1966 الحق بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية, وقد ورد مبدأ الحقوق المتساوية للرجال والنساء في التمتع بجميع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية في المادة (3) المشتركة في العهدين.
ثم تلا ذلك اتفاقية غاية في الأهمية بالنسبة للمرأة وحقوقها الإنسانية ألا وهي اتفاقية القضاء على القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1979 ودخلت حيز التنفيذ عام 1981 والتي تعد ثمرة ثلاثين عام من الجهود والأعمال التي قام بها مركز المرأة في الأمم المتحدة لتحسين أوضاع المرأة ونشر حقوقها.
وقد أكدت ديباجة الاتفاقية أيضا على مبدأ التساوي في الحقوق بين الرجال والنساء وضرورة تحقيق هذا المبدأ من اجل نمو ورخاء المجتمع والأسرة, وأكدت في المادة (6) من الاتفاقية على الدول الأطراف فيها بأن تتخذ جميع التدابير المناسبة بما في ذلك التشريع لمكافحة شكل من أشكال العنف ضد المرأة إلا وهو الاتجار بالمرأة واستغلال دعارة المرأة.
وقد اتخذت مسألة العنف ضد المرأة مكانا بارزا بسبب عمل المنظمات والحركات النسائية على مستوى القاعدة الشعبية في العالم اجمع.
وقد دعت النساء إلى اتخاذ تدابير لمعالجة هذه الانتهاكات على الصعيدين الوطني والدولي, وكشفن عن دور العنف ضد المرأة كشكل من أشكال التمييز وآلية لأدامته.
ونتيجة لذلك وضعت مسألة العنف ضد المرأة على جدول الأعمال في سياق العمل على إحقاق حقوق المرأة في الأمم المتحدة وكان للتفاعل بين الدفاع عن المرأة في مختلف أنحاء العالم ومبادرات الأمم المتحدة على مدى بضعة عقود الماضية عاملا محرّكا في تحقيق هذا الانتباه.
غير إن زيادة الانتباه إلى العنف ضد المرأة برزت بالدرجة الأولى في سياق عقد الأمم المتحدة للمرأة (1975 – 1985), وعملت الجهود النسائية حافزا في توسيع نطاق فهم العنف ضد المرأة.
إن المبادرات المبكرة لمعالجة العنف ضد المرأة على الصعيد الدولي ركزت بالدرجة الأولى على الأسرة. ومما يذكر إن خطة العمل العالمية للمرأة التي اعتمدها المؤتمر العالمي للسنة الدولية للمرأة في مدينة مكسيكو في سنة 1975, لفتت الانتباه إلى ضرورة وضع برامج تعليمية وطرق لحل النزاع العائلي تضمن الكرامة والمساواة والأمن لكل فرد من أفراد الأسرة , لكنها لم تشر بصراحة إلى العنف , غير أن محكمة المنظمات غير الحكومية التي عقدت بالتوازي مع المؤتمر في مدينة مكسيكو , وكذلك المحكمة الدولية المعنية بالجرائم ضد المرأة التي عقدت في بروكسل سنة 1976, أبرزتا أشكالا من العنف ضد المرأة أكثر بكثير من العنف في نطاق الأسرة.
وازداد العمل النسائي لمكافحة العنف ضد المرأة في أوائل الثمانينيات من القرن الماضي وأصبحت المسألة أكثر بروزا في المؤتمر العالمي الثالث المعني بالمرأة, المعقود في نيروبي في سنة 1985. واعترفت استراتيجيات نيروبي للنهوض بالمرأة , بانتشار العنف ضد المرأة في أشكال مختلفة في الحياة اليومية في كل المجتمعات , وعرّفت مظاهر متنوعة للعنف بلفت الانتباه إلى النساء اللائي يتعرّضن للإساءة والاعتداء في المنزل , والنساء اللائي يقعن ضحايا للبغاء ألقسري , والنساء المعتقلات , والنساء في النزاعات المسلحة. وبدأت إقامة الصلة بين العنف ضد المرأة والمسائل الأخرى على جدول أعمال الأمم المتحدة باعتبار ذلك العنف عقبة رئيسية أمام تحقيق أهداف العقد الدولي للمرأة: المساواة والتنمية والسلم. ودعت إلى اتخاذ سياسات وقائية وتدابير قانونية ووضع آلية وطنية وتقديم مساعدة شاملة للنساء اللائي يقعن ضحايا العنف. واعترفت أيضا بالحاجة إلى توعية الرأي العام للعنف ضد المرأة كمشكلة مجتمعية.
وفي أوائل التسعينات من القرن الماضي اكتسبت جهود الحركة النسائية – لكسب الاعتراف بأن العنف ضد المرأة مسألة تتعلق بحقوق الإنسان – زخما كبيرا. وفي المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان المعقود في فيينا في سنة 1993, تجمّعت النساء وضغطن على الصعيدين العالمي والإقليمي لإعادة تعريف معالم قانون حقوق الإنسان ليشمل ما تمرّ به النساء من خبرات, وقدّمن إلى المندوبين للمؤتمر ما يقرب من نصف مليون توقيع جمعت من 128 دولة تطلب الاعتراف بأن هذا العنف يشكل انتهاكا لحقوق الإنسان للمرأة . وعقدن محكمة عالمية قدّمت إليها شهادات من النساء في إطار حقوق الإنسان بما في ذلك قضايا عنف من مختلف أنحاء العالم. واشتمل إعلان وبرنامج عمل فيينا على توكيد عالمية حقوق المرأة باعتبارها حقوق إنسان ودعوة إلى القضاء على العنف القائم على أساس نوع الجنس.
وأضاف مؤتمر فيينا دعما كبيرا إلى اعتماد الجمعية العامة إعلان القضاء على العنف ضد المرأة لسنة 1993.
وينص هذا الإعلان على أن العنف ضد المرأة مظهر لعلاقات قوى غير متكافئة بين الرجل والمرأة عبر التاريخ أدت إلى هيمنة الرجل على المرأة وممارسته التمييز ضدها والحيلولة دون النهوض بالمرأة نهوضا كاملا. كما ويبرز هذا الإعلان المواضع المختلفة للعنف ضد المرأة كالعنف في الأسرة والعنف في المجتمع والعنف الذي ترتكبه الدولة أو تتغاضى عنه.
وأشار الإعلان إلى حقيقة إن فئات معينة من النساء معرضات بوجه خاص للعنف, بما في ذلك الأقليات ونساء الشعوب الأصلية واللاجئات والفقيرات فقرا مدقعا والنساء المعتقلات في مؤسسات إصلاحية أو في سجون والفتيات والنساء المعاقات والنساء المسنات والنساء في أوضاع النزاع المسلح.
كما ويضع هذا الإعلان سلسلة من التدابير التي يجب أن تتخذها الدول لمنع هذا العنف والقضاء عليه ويقتضي من الدول أن تدين العنف ضد المرأة وان لا تتذرع بالعادات أو التقاليد أو الدين كي تتجنب واجباتها في القضاء على هذا العنف.[2]
وفي سنة 1995 تمكن إعلان ومنهاج عمل بيجين[3] من تجميع هذه المكاسب بتوكيد أن العنف ضد المرأة انتهاك لحقوق الإنسان وعائق لتمتع المرأة التام بكل حقوق الإنسان. وتحول التركيز إلى المطالبة بمسائلة الدولة عن تدابير منع العنف ضد المرأة والقضاء عليه التي اتخذتها. وانشأ مجال القلق الهام جدا في منهاج عمل بيجين المتعلق بالعنف ضد المرأة أهدافا إستراتيجية ثلاث هي :-
(1)- اتخاذ تدابير متكاملة لمنع العنف ضد المرأة والقضاء عليه.
(2)- دراسة أسباب العنف ضد المرأة وعواقبه وفعالية التدابير الوقائية.
(3)- القضاء على الاتجار بالمرأة ومساعدة ضحايا العنف الناتج عن البغاء والاتجار.
وفي إطار هذه الأهداف وضع منهاج العمل سلسلة من التدابير الملموسة التي يجب أن تتخذها الحكومات بما في ذلك تنفيذ الصكوك الدولية لحقوق الإنسان والسياسات والبرامج الهادفة إلى حماية النساء اللائي وقعن ضحايا للعنف ومساندتهن , التوعية والتعليم, ........
أشكال العنف ضد المرأة و العوامل المؤثرة فيه
هذا ويتخذ العنف ضد المرأة أشكالا عدّة ويمكن أن تشمل عنفا بدنيا وجنسيا ونفسيا وإساءة معاملة اقتصادية واستغلالا في سلسلة من الأوضاع من القطاع الخاص إلى القطاع العام, وفي عالم اليوم المتسم بالعولمة تتجاوز الحدود الوطنية. وتعد تسمية أشكال ومظاهر من العنف ضد المرأة خطوة هامة نحو الاعتراف بها ومعالجتها.
كما وتتفاوت أشكال العنف ضد المرأة ومظاهره باختلاف السياق الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والثقافي في مجتمع ما أو دولة ما, فربما تزداد بعض أشكال العنف أهمية بينما تنخفض أهمية بعضها الآخر كلما مرّت المجتمعات بتغيرات ديموغرافية وإعادة تشكيل الاقتصاد وتحولات اجتماعية وثقافية.
وبعد عشر سنوات من دعوة منهاج عمل بيجين إلى تحسين البحوث وجمع البيانات عن أشكال مختلفة من العنف ضد المرأة, فأن الأدلة المتوافرة ما زالت متفاوتة, وفي بعض الأحيان غير موجودة.
ويحدث كثير من أشكال العنف ضد المرأة مثالها الممارسات التقليدية المؤذية التي تكون الأسرة والمجتمع المحلي طرفا فيها وتتغاضى عنها الدول. فالعنف ضد المرأة في النزاعات المسلحة شكل من أشكال العنف ضد المرأة له صلة بالأسرة والمجتمع والدولة كذلك الاتجار بالنساء يمتد هو أيضا ويعبر الحدود الدولية.
وثمة سلسلة من العوامل أيضا تؤثر في أشكال العنف التي تعانيها النساء وربما تكون أشكال مختلفة من العنف ضد المرأة مرتبطة بعضها ببعض أو يعزز بعضها بعضا.
1- فالعنف ضد المرأة داخل الأسرة: تمتد أشكاله عبر دورة حياتها من العنف قبل الولادة إلى العنف ضدها كامرأة مسنّة.
(أ)- فالعنف بين الشريكين في علاقات حميمة أو كما يشار له بعبارة العنف العائلي أو إساءة المعاملة بين الزوجين ثبت انه الأوسع انتشارا بين أشكال العنف ضد المرأة كافة. ويشمل الأشكال الآتية ( أعمال الإكراه الجنسي والنفسي والبدني التي يمارسها ضد نساء بالغات أو مراهقات شركائهم دون رضاهن. والعنف البدني الذي يشمل استخدام القوة البدنية أو القوة المادية أو السلاح قصدا لإيذاء أو جرح المرأة. أما العنف الجنسي فيشمل الاتصال الجنسي بصورة اعتداء دون رضاء المرأة – سواء المتزوجة أم غير المتزوجة - , في حين يشمل العنف النفسي السيطرة على المرأة أو عزلها وإذلالها أو إحراجها , ويشمل العنف الاقتصادي حرمان المرأة من الحصول على الموارد الأساسية والتحكم بها ).
(ب)- أما في الممارسات التقليدية المؤذية فيشكل وأد البنات , واختيار جنس الجنين , والزواج المبكر , والعنف المتصل بالمهر, وختان الإناث, والجرائم التي ترتكب باسم الشرف, وإساءة معاملة الأرامل بما في ذلك دفعهن للانتحار, قلنا يشكل ذلك شكلا من أشكال العنف ضد المرأة التي تعد ممارسات تقليدية مؤذية ويمكن أن تشارك فيها الأسرة والمجتمع المحلي .
وقد ورد في تقرير حقوق الإنسان الصادر عن بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق بتاريخ 1 / نيسان – 30 / حزيران / 2007 في الجزء الخاص بوضع المرأة العراقية إن القلق لا يزال يساور هذه البعثة بشأن عمليات القتل ضد النساء في المحافظات الشمالية الثلاثة دهوك واربيل والسليمانية بحجة حماية شرف العائلة . وقد أعلن الناطق الرسمي باسم وزارة حقوق الإنسان في إقليم كردستان عن تزايد حوادث العنف ضد المرأة في الإقليم بنسبة (18%) بين شهري آذار وأيار.[4]
وهناك أشكال أخرى للممارسات التقليدية المؤذية للمرأة تمتاز بها بعض الدول منها على سبيل المثال:- تقييد حق البنت الثانية في الزواج, وزواج الأرملة من أخي زوجها, والزواج بالإكراه. ففي دراسة ميدانية أجرتها جمعية الأمل العراقية في منطقة كردستان العراق عام 2002 على عينة بحث تتألف من (2350) امرأة تبين أن (15,44%) منهن حصل الزواج من دون موافقتهن وان من أسباب عدم اخذ رأيهن في الزواج يعود إلى أن (18,81%) منهن تزوجن بالإكراه وان (46,77%)بسبب الزواج التبادلي (كصّة بكصّة) ونسبة (22,04%) فصل عشائري (بدل دم أو ما يسمى بالفصلية) ونسبة (10,75%) دفع مهر غالي ونسبة (1,12%) إهداء أو عطية.[5]
وقد بينت دراسة استبيانية أجراها مركز اليقين في سنة 2007 على عينة مكونة من 1067 مواطن ومواطنة موزعين على عدد من محافظات العراق[6] في سؤال طرح عليهم حول ما إذا كان للزوج الحق في ضرب زوجته , رفض (63%) من العينة هذا الأمر في حين كان (16%) منهم مترددين ما بين الرفض والقبول أما اﻠ (21%) من العينة فقد أيدت ذلك. وقد تبين أن أكثر الرافضين هم من الإناث بنسبة (71%) من الرافضين بينما كان أكثر المترددين أو المماطلين في الإجابة هم من الذكور.
وعند سؤال العينة عما إذا تعرضت أنثى من أسرهم للعنف من قبل الأسرة أو إذا كانت الأنثى محل الدراسة قد تعرضت له كانت نسبة الإجابة (33%) نعم وان هذا الأمر قد حدث معهم أو مع أنثى من أسرهم وأجاب (54%) كلا في حين امتنع (13%) من العينة عن الإجابة. مع ملاحظة إن الاستبيان قد تم توزيعه على المناطق الحضرية ولو كان قد وزع على المناطق الريفية لكانت النسب اكبر بحسب المعلومات التي ترد عن كثرة تعرض الإناث في تلك المناطق للعنف كجزء من ثقافات وعادات سكانها.
وكمقياس للمحافظات وجد إن أكثر محافظة تعرضت فيها الإناث للعنف – حسب الإجابات عن الاستبيان – هي محافظتي النجف وذي قار وبنسبة (70 – 72%) واقل نسبة كانت في اربيل.
وفي سؤال آخر عما إذا لجأت النساء المتعرضات للعنف إلى الجهات القضائية للشكوى ضد المعتدي أجاب (87%) كلا و (13%) نعم ولم يبدوا أية أسباب في عدم لجوئهم إلى القضاء.
2- وفي المجتمع المحلي تواجه النساء أيضا عنفا منتشرا داخل هذه المجتمعات المحلية العامة: ويأخذ شكل العنف البدني والجنسي والنفسي مظهرا يوميا في الأحياء التي يسكن النساء فيها, وفي وسائط النقل وفي أماكن العمل وفي المدارس والأندية الرياضية والكليات والمستشفيات وغيرها من المؤسسات الاجتماعية.
ويأخذ الأشكال الآتية:
(أ)- قتل الأنثى بناء على جنسها والذي يعد – في كثير من الأحيان – ارث النزاع الداخلي المسلح عاملا مساهما أيضا في ازدياده.
فقد صرّح قائد شرطة محافظة البصرة بأنه سيقود حملة لحماية حقوق المرأة في البصرة , إذ تتعرض المرأة لعمليات قتل غير مسبوق وتضييق على الحريات لم تألفها مدينة البصرة وذلك من قبل مجاميع من المجرمين – حسب قول قائد الشرطة - . وقد أوضح أن لديهم إحصاءات رسمية تشير إلى أن هناك (15) امرأة في البصرة تقتل شهريا على الأقل من قبل عصابات إجرامية منظمة تحت ذريعة مجافاتها للضوابط الأخلاقية والدينية , في حين أن اغلب الضحايا قتلن على الظن والشبهة والأغراض الشخصية من قبل هذه العصابات.[7]
(ب)- العنف الجنسي الذي يرتكبه شخص غير شريك للمرأة (قريب, صديق, رجل معروف لدى المرأة, جار, زميل عمل, غريب) ومن الصعب تحديد مدى انتشار هذا النوع من العنف لان العنف الجنسي يظل في كثير من المجتمعات مسألة تجلب العار الشديد للمرأة ولأسرتها, وان الإحصاءات المستمدة من سجلات الشرطة غير ذات ثقة بسبب قلة الإبلاغ عن هذه الجرائم.
وقد قدرت منظمة نسائية عراقية[8] إن ما يزيد على (400) امرأة عراقية تعرضت للاختطاف والاغتصاب في غضون الأشهر الأربعة الأولى من بداية الحرب في عام 2003. كما وقد كشفت وزارة الدولة لشؤون المرأة العراقية إن ما يزيد على نصف حالات الاغتصاب التي تم الإبلاغ عنها أدت إلى قتل الناجيات من الاغتصاب على أيدي أسرهن . وعلى سبيل المثال في مدة عشرة أيام من شهر تشرين الثاني / نوفمبر من العام 2006 شهدت مشرحة بغداد ( الطب العدلي) ما يزيد على (150) جثة امرأة لم يطلبها احد, وكثيرات منهن كن مقطوعات الرأس أو مبتورات الأعضاء أو بهن علامات تدل على تعذيب شديد.[9]
(ج)- التحرش الجنسي في مكان العمل والمؤسسات التعليمية وفي الرياضة وفي وسائط النقل. ففي دراسة ميدانية أجرتها جمعية الأمل العراقية في منطقة كردستان العراق سنة 2002 على عينة تتألف من (2350) امرأة بين (62,12%) منهن انه توجد تحرشات بالمرأة وبالبنات داخل الباصات وفي الأماكن العامة من الذكور.[10]
(د)- الاتجار بالنساء والذي يعد عنف ضد المرأة يحدث في أوضاع متعددة يشمل غالبا جهات فاعلة مختلفة من بينها الأسر, السماسرة المحليون, شبكات الإجرام الدولية وسلطات الهجرة. ويحدث الاتجار بين بلد وبلد أو داخل البلد الواحد نفسه. ويتم الاتجار بالنساء والأطفال لأغراض الاستغلال الجنسي في الأغلب.[11]
ويقصد بالاتجار بالأشخاص – حسب التعريف الوارد في بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص وبخاصة النساء والأطفال الملحق باتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية هو :- تجنيد أشخاص أو نقلهم أو تنقيلهم أو إيوائهم أو استقبالهم بواسطة التهديد بالقوة أو استعمالها أو غير ذلك من أشكال القسر أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو استغلال السلطة أو استغلال حالة استضعاف أو بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص له سيطرة على شخص آخر لغرض الاستغلال.
ويشمل الاستغلال , كحد أدنى , استغلال بغاء الغير أو سائر إشكال الاستغلال الجنسي أو السخرة أو الخدمة قسرا أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق أو الاستعباد أو نزع الأعضاء.
وعلى الرغم من أن العراق من الدول المصادقة على اتفاقية السيداو التي تؤكد في المادة (6) منها على الدول الأطراف أن تتخذ جميع التدابير المناسبة بما في ذلك التشريع لمكافحة جميع أشكال الاتجار بالمرأة واستغلال دعارة المرأة كذلك أكد في منهاج عمل بيجين, الذي اعتمده العراق ,القضاء على الاتجار بالنساء ومساعدة ضحايا العنف الناجم عن البغاء والاتجار بهن وكذلك ما ورد في الدستور العراقي في المادة (37- ثالثا) من تحريم العمل ألقسري والعبودية وتجارة العبيد( الرقيق) ويحرم الاتجار بالنساء والأطفال والاتجار بالجنس إلا أن إجراءات كافية وتدابير رادعة لم يتم اتخاذها , فقد ورد في تقرير سري صادر من وكالة المعلومات والتحقيقات الوطنية/ العراق أن (( تهريب النساء والأعضاء البشرية يعد آخر ما توصلت إليه عمليات التهريب , وقد يستغرب البعض عند سماع معلومة عن عمليات تهريب للنساء, أو ما يسمى باللحم الأبيض, إلى بعض البلدان , ولكن هذا الأمر يحصل حاليا على ارض الواقع ويدار من قبل شبكات غاية في التعقيد ويصعب التقرب منها . وينشط تجار الرقيق الأبيض في استغلال حالات البؤس المدقع في العراق لتحقيق أرباح هائلة عبر تهريب الفتيات العراقيات تحت ستار تأمين وظائف في المنازل إلى دول الخليج الثرية حيث يتم إجبارهن على بيع أجسادهن في الفنادق والملاهي. وان لتطور هذه الحالة السلبية اثر كبير على الوضع الاجتماعي في البلد وتكوين عصابات مختصة تقوم بخطف الفتيات وتهريبهن إلى الدول المجاورة تحت وطأة التهديد....... ووفقا لمفوض الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فأن هناك حوالي (1,2) مليون عراقي يعيشون ألان في سورية وتقدر الحكومة العدد بما هو أعلى من ذلك بكثير. وإذا أخذنا بالحسبان الوضع الاقتصادي المتدهور لهؤلاء اللاجئين وان الكثير من النساء والفتيات اللواتي يعانين من العوز الشديد يتحولن إلى الدعارة سرا أو حتى بمعرفة ذويهم أو تورط أفراد العائلة , وان آلافا من العراقيات يعملن كعاهرات في سورية وترتبط هذه الحالة بتزايد العنف في العراق , فأن اللاجئين أصبحوا يشتملون على مزيد من العوائل التي تعيلها نساء , ونساء من دون مرافق وان كثيرا من النساء العراقيات يصلن في الوقت الحالي ويعشن على حسابهن مع أطفالهن لان الرجال في عوائلهن قتلوا أو اختطفوا. ووجد عدد غير قليل من العوائل ترأسها امرأة في حي صغير واحد في سوريا. وتجد بعض النساء الباحثات عن عمل خارج البيت للمرة الأولى واللواتي يعشن في بلد يتميز بنسبة بطالة عالية, وان سبيلهن الوحيد للعيش هو بيع أجسادهن))[12] . فضلا عن إن الحكومة العراقية لم تعامل النساء ضحايا هذا العنف كضحايا وإنما جانيات فقد ورد في بيان أصدرته لجنة المرأة والأسرة والطفولة نشرت جريدة الصباح الصادرة بتاريخ 1 / آب / 2007 مقتطفات منه أن ( لا يخفى على أولي الألباب أن هناك سلة نفايات في كل بيت أو محل ولا تعكس هذه النكرات صبر نسائنا اللواتي قارعن النظام الدكتاتوري......)
ومن الجدير بالذكر أن قانون العقوبات العراقي النافذ رقم 111 لسنة 1969 لا يتضمن أي نص يعاقب على جريمة الاتجار بالأشخاص وإنما يتضمن فقط نص تجريمي ورد في المبادئ العامة وتحديدا في المادة (13) التي تنص على ((............ تسري أحكام هذا القانون على كل من وجد في العراق بعد أن ارتكب في الخارج بوصفه فاعلا أو شريكا في جريمة من الجرائم التالية:-........... الاتجار بالنساء أو بالصغار أو بالرقيق....)). ومن خلال نص هذه المادة نجد إن القانون قد جرّم فعل الاتجار بالنساء ولكنه لم يحدد أية عقوبة لمن يلقى القبض عليه مرتكبا لهذا الجرم. إلا أن الذي يحصل في محاكمنا العراقية إن بعض القضاة يحكمون على مرتكبي هذه الأفعال بموجب المواد (421 – 426) الخاصة بجرائم القبض على الأشخاص وحجزهم وخطفهم, ولكنها من الناحية القانونية تختلف عن جريمة المتاجرة بالأشخاص.[13]
إن الاتجار بالجنس والاستغلال الجنسي قد تزايدا منذ بداية الحرب , فوفقا لمنظمة حرية المرأة في العراق فأن (15%) من النساء العراقيات ممن فقدن أزواجهن نتيجة الحرب يبحثن عن زيجات مؤقتة أو عن الاشتغال بالجنس بحثا عن الحماية أو الإعالة المالية , وقد اختفى ما يزيد على أربعة آلاف امرأة عراقية خمسهن دون سن 18 سنة وذلك منذ غزو العراق 2003 – وفقا لهذه المنظمة – يعتقد أن كثيرات منهن قد تم الاتجار بهن, كما تورد وزارة الخارجية الأمريكية أن هناك نساء وفتيات عراقيات يعتقد إنهن قد تم الاتجار بهن داخليا ودوليا لاستغلالهن جنسيا.[14]
هذا وتنتشر جريمة المتاجرة بالنساء واستغلالهن في الدعارة والبغاء في مناطق عديدة من محافظة بغداد. وتعد أشهر هذه المناطق منطقة باب المعظم / الرصافي والحيدر خانة وكذلك منطقة الفضيلية. ففي بحث ميداني أجراه احد ناشطي حقوق الإنسان بيّن حقائق غاية في الخطورة عن ممارسة هذا الانتهاك السافر بحق النساء عن طريق أفراد أسرهن أو مجتمعهن المحلي.
ففي منطقة باب المعظم وتحديدا في الرصافي والحيدر خانة الذي يمتاز بالكثافة السكانية والفقر والأمية بين الباحث الآتي:-
1- يمارس الأغلبية من سكنة هذه الأحياء البغاء والدعارة والسمسرة بشكل علني ومن دون أي تحفّظ أو خوف من القانون أو السلطات كمهنة متوارثة تبدأ مع الأطفال وتستمر معهم وتنتقل بمراحلها لغاية سن الشيخوخة , ولكلا الجنسين, إذ يقوم الأطفال بعمر (9 – 10) سنوات بدور الاتصال بالزبائن من أصحاب المحال والمعامل والمكاتب التجارية القريبة والمحيطة بالحي وتحقيق العلاقة والاتفاق معهم وأيضا مرافقة النساء إلى مكان تنفيذ الاتفاق الذي سينفذ فيه فعل الانتهاك.
2- فيما يتعلق بالأطفال الإناث, بعد سن العاشرة يباشرن ممارسة البغاء بما تسمح به تركيبتهن ومؤهلاتهن الجسمانية . أما الأطفال الصبيان فيستمر عملهم ويتنقلون بين مراحله مع تقدم العمر وخبرة الممارسة ويتطور بهم لحين زواجهم لمرة أو أكثر من نفس المحيط والتكاثر من اجل تكوين – أسرة – شبكة دعارة جديدة.
3- عادة يكون هناك في كل دار, سواء كان يضم عائلة واحدة أو عدة عوائل متفرعة, رجل يكون هو المسؤول عن إدارة العمل – أي البغاء – والمالية. وهذا الرجل عادة يكون هو رجل البيت الذي يعد مسؤولا وملتزما بتوفير الغطاء الأسري والسكن والمبيت والقليل من الخدمات.
4- تتم كل تفاصيل مهنة البغاء بشكل علني, على مستوى الأسرة والعشيرة أيضا ممن هم داخل نطاق الحي كما يتم التنسيق بين الجماعات على أساس التبادل في التزويج والمصلحة الواحدة.
5- كل الواردات المتحصلة عن ممارسة البغاء تسلم إلى رجل البيت حال عودة الضحية إلى الدار ويقوم هو بتوزيع حصص بسيطة منها تشمل كل أفراد الأسرة مع الاحتفاظ لنفسه بالحصة الأكبر – حصة الأسد - .
أما منطقة الفضيلية فهي منطقة شعبية متباينة ما بين الفقر والحالة الاقتصادية لجيدة لسكانها ومعروف عن هذه المنطقة ومنذ السنوات الأولى لإنشائها بأنها بؤرة خطرة ومرتع لعصابات القتل والتسليب والسرقة وعصابات الاتجار بالنساء والأطفال والدعارة والبغاء. ويتم ممارسة هذا الجرم من منافذ عدّة وبحسب الآتي :-
1- عوائل تستقبل الزبائن الرجال في بيوتها لممارسة البغاء مع النساء والبنات الصغيرات المهيئات لهذا الغرض.
2- إرسال النساء والبنات إلى أماكن إحياء الحفلات والجلسات الخاصة وممارسة البغاء سواء كان الوقت ليلا أم نهارا.
3- تزويج البنات – واحدة أو أكثر – زواجا عرفيا يتمه (السيد) مقابل أن يدفع العريس بضعة مئات من الدولارات لكل حالة زواج إلى رجل البيت أو المسؤول عنهن , وذلك بغرض تهريبهن أو الذهاب بهن إلى دول الخليج العربي وبالذات إلى دولة الكويت وبيعهن هناك مقابل مبلغ ( 5000) دولار أمريكي عن كل واحدة.
أما عن منافذ الوصول إلى النساء والبنات الضحايا فهناك أساليب عدّة :-
1- عوائل هي أصلا تتوارث وتعيش وتكوّن اسر وتتكاثر لأجل رفد مهنة البغاء والسمسرة المتوارثة عندهم بأفراد جدد.
2- هناك عدد من النساء ممن كبرن على المهنة ولم يعدن مرغوبات من قبل الزبائن , يقمن بالتجول في الشوارع لاسيما في ساحات تجمع سيارات النقل وكراجات نقل الركاب ويرصدن أي حالة لفتاة أو صغيرة ضائعة أو هاربة لأي سبب أو قادمة من المحافظات للبحث عن عمل وبالتالي الاتصال بهن والتعرف على ظروفهن ومن ثم استدراجهن إلى بيوت الدعارة في الفضيلية بحجة مساعدتهن واستضافتهن لعدة أيام إلى أن يطمأنن ويتعودن على المكان ومن ثم مفاتحتهن بالعمل وهكذا إلى نهاية طريق البغاء.
3- القابلة, فهناك في الحي عدد من القابلات اللواتي يقمن بأعمال غير شرعية ( كالإجهاض وإعادة البكارة) لديهن متعهدات ينتشرن في مناطق بغداد على اختلافها, متعاونات معهن لاستقدام نساء ممن يجدهن قد تورطن بعلاقات غير شرعية ويعانين من أزمة من أي نوع كانت, وهناك في الفضيلية تقوم القابلة بترهيب الضحية من حجم وهول ما تورطت به وان أمرها لا يمكن إخفاءه ومساعدتها تتطلب مبلغ ضخم جدا لإجراء عملية من أي نوع تحتاجه لحل أزمتها وبالتالي يتم إقناعها بالمكوث عندها لعدة أيام وبعدها يتم مفاتحتها وإقناعها بالعمل في احد بيوت الدعارة لاستلام عمولتها من السمسار عن كل ضحية.
وقد ذكرت إحدى هؤلاء القابلات إنها تجري حوالي (16) عملية إجهاض أسبوعيا لمتورطات بعلاقات غير شرعية مقابل (500) دولار وأربع عمليات إعادة بكارة شهريا مقابل (1250) دولار وهذا عادة تطلبه غير الباكرات لإعادة تهريبهن أو اصطحابهن إلى دول الخليج وبيعهن على أساس إنهن باكرات وبالتالي رفع سعرهن.
4- المنفذ الآخر هن فتيات العوائل الفقيرة من سكنة المنطقة ذاتها والمحيطة والقريبة منها, ممن يعملن في جمع النفايات وغيرها مما يمكن بيعه لجامعي المواد القديمة, أو ممن يعملن عاملات تنظيف في البيوت أو المعامل الصغيرة المنتشرة في تلك المناطق, وهناك يتعرضن للاغتصاب من قبل رفاقهم العاملين في جمع أو بيع المواد القديمة أو من الصبيان والشباب الذين يتربصون لهن باستمرار, وعادة يلجأن إلى كتمان الاعتداء عليهن رغم تكراره من نفس الشخص أو من آخرين خوفا من إجراءات ذويهن أو من يؤويهن , وفي النهاية لا بد لها من أن تلجأ إلى القابلة لإجهاضها أو لإعادة بكارتها. وأمام المبالغ الضخمة التي تطلبها القابلات لا يعد أمامهن إلا أن يستسلمن لهؤلاء القابلات وينخرطن في ممارسة البغاء والدعارة مقابل توفير المأوى لهن أو تكفل احد السماسرة بدفع تكاليف عملية إعادة البكارة ثم تهريبهن إلى إحدى دول الخليج.
5- السحرة, فهناك عدة نساء يدّعين القدرة على عمل السحر لحل مشاكل الناس فيلجأ إليهن ,بصورة مباشرة أو عن طريق المتعاونات معهن, الكثير من النساء لمعالجة مشاكلهن بالسحر وهناك يتم استدراج بعضهن والاشتراط عليهن بضرورة مضاجعة ( السيد) – الذي يكون عادة من سماسرة البغاء والمتاجرة بدعارة الغير ومتفق مسبقا مع المتعاطية للسحر – لإتمام ونجاح السحر, ومن هنا يبدأ جر الضحية نحو ممارسة البغاء وبحجج مختلفة.
6- وكثيرا ما تتعرض الفتيات في هذه المنطقة للاغتصاب من قبل الأب أو الأخ أو الأقارب وأحيانا يتم إجهاض البنت المغتصبة وأحيانا تتم الضحية حملها لتلد ويحتفظ المغتصب بالمولود ويسجله باسمه في سجل الأحوال الشخصية إما لإخفاء الجريمة أو لكي يضمن فردا جديدا يضاف إلى الأسرة – شبكة الدعارة والبغاء - .
7- هناك مليشيات تهيمن على المنطقة وتقوم بحماية بيوت الدعارة من مداهمات الشرطة أو من العصابات والجماعات الأخرى وذلك مقابل مبلغ أسبوعي ثابت يقبضه أفراد من تلك المليشيا وأيضا الإقامة بالدار وممارسة البغاء مع النساء مجانا. كما أن منطقة الفضيلية تنقسم لعدة محلات سكنية صغيرة تديرها المليشيات ويكون لكل محلة (سيد) مسؤول عنها وهو الذي يقوم بختم أوراق تسليم الحصص الاستهلاكية الشهرية من النفط والغاز الشهرية للعوائل مما يتيح لكل (سيد) فرصة للتحرش بنساء المحلة مقابل أن يختم لها الورقة أو اغتصابها مقابل حصص إضافية.[15]
كل هذا يدل على ضعف الإجراءات والتدابير التي اتخذتها الحكومة والتي تخالف بشكل واضح الالتزامات الدولية والدستورية التي ألزمت نفسها بها مما يستوجب معه إعادة النظر في سياساتها تجاه المرأة.
3- العنف ضد المرأة الذي ترتكبه الدولة أو تتغاضى عنه : وترتكبه إما بواسطة مندوبيها أو بواسطة سياستها العامة . ويتخذ شكل العنف البدني أو الجنسي أو النفسي .
ويشمل تعبير مندوبي الدولة كل شخص أعطي القدرة على ممارسة عناصر من سلطة الــــدولــة – أعضاء الهيئة التشريعية والتنفيذية والقضائية – وكذلك موظفو تنفيذ القوانين والقوات العسكرية وقوات الأمن .
وممكن أن يرتكب هذا العنف من قبل المندوبين في الشوارع وفي أماكن الحجز والذي يمكن أن يكون اغتصابا أو تحرشا جنسيا أو اعتداءا جنسيا, وقد يشكل بعض هذه الأفعال تعذيبا أو معاملة أو عقوبة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة.
أما العنف الذي ترتكبه الدولة بواسطة سياساتها وقوانينها فقد يكون عن طريق تشريع قوانين تجرم سلوك معين للمرأة غالبا ما يتخذ شكل السلوك الجنسي, والسياسات المعنية بالتعقيم ألقسري والإجهاض ألقسري, وكذلك السياسات المعنية بالحجز الوقائي الذي يكون بمثابة سجن, والى غير ذلك من السياسات والقوانين التي لا تعترف باستقلال المرأة ونيابتها وتشرع سيطرة الذكر على الأنثى. كما ويمكن للدول أيضا أن تتغاضى عن العنف بافتقار قوانينها إلى النصوص أو بعدم تنفيذها تنفيذا فاعلا مما يمكّن مرتكبي العنف ضد المرأة من الإفلات من العقاب[16].
4- العنف ضد المرأة والتمييز متعدد الأشكال المرتبط بقواعد اجتماعية وثقافية وتوجهات كل نظام اجتماعي أو اقتصادي أو سياسي: وهناك عوامل مثل عرق المرأة وطبقتها وفئتها وكونها مهاجرة أو لاجئة وسنها وديانتها وتوجهها الجنسي وحالتها الزوجية وكونها معاقة أو مصابة بفيروس نقص المناعة البشرية, وهذا كله يؤثر في شكل العنف الذي تتعرض له والطريقة التي يمارس بها ضدها.[17]
عواقب العنف ضد المرأة
إن العنف ضد المرأة انتهاك لحقوق الإنسان للمرأة ويمنعها من التمتع بحقوقها الإنسانية وحرياتها الأساسية مثل الحق في الحياة والأمن الشخصي والحق في التعليم والحق في الصحة والحق في السكن والحق في المشاركة في الحياة العامة. هذا الانتهاك يبقي المرأة في وضع التبعية ويساعد على استمرار التفاوت في توزيع القوى بين الرجل والمرأة.
ولهذا عواقب على صحة المرأة ورفاهيتها مما يؤدي إلى تكاليف إنسانية واقتصادية باهظة وتعيق التنمية إذ توجد تكاليف على المدى القصير وتكاليف على المدى البعيد , وهناك التكلفة المباشرة للخدمات فيما يتعلق بالعنف ضد المرأة , وهناك التكلفة غير المباشرة للوظائف والإنتاجية المفقودة وهناك الألم والمعاناة.[18]
أسباب العنف ضد المرأة
يمكن إرجاع ظاهرة العنف ضد المرأة إلى الأسباب الآتية:
1- تعد المرأة نفسها هي احد العوامل الرئيسة لبعض أشكال العنف وذلك لتقبلها له والتسامح والخضوع أو السكوت عليه مما يجعل الآخر يتمادى أكثر. وغالبا ما يكون هذا السبب مفعّل عندما لا تجد المرأة المعنفة من تلجأ إليه ومن يقوم بحمايتها. كما إن ضعف المرأة نفسها في المطالبة بحقوقها الإنسانية والعمل لتفعيل وتنامي دورها الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والثقافي.
2- الأسباب الثقافية كالجهل وعدم معرفة كيفية التعامل مع الآخر وعدم احترامه وما يتمتع به من حقوق وواجبات تعد عاملا أساسيا للعنف. وهذا الجهل قد يكون من الطرفين المرأة والشخص الذي يمارس العنف ضدها. فجهل المرأة بحقوقها وواجباتها من جهة , وجهل الآخر بهذه الحقوق من جهة أخرى قد يؤدي إلى التجاوز وتعدي الحدود.
فضلا عن تدني المستوى الثقافي للأسر وللأفراد والاختلاف الثقافي الكبير بين الزوجين بالأخص إذا كانت الزوجة هي الأعلى مستوى ثقافيا مما يولد التوتر وعدم التوازن لدى الزوج كردة فعل له فيحاول تعويض هذا النقص باحثا عن المناسبات التي يمكن انتقاصها واستصغارها بالشتم أو الاهانة أو الضرب.
إذن التخلف الثقافي العام وما يفرزه من جهل بمكونات الحضارة والتطور البشري الواجب أن ينهض على أكتاف المرأة والرجل على حد سواء ضمن معادلة التكامل بينهما لصنع الحياة الهادفة والمتقدمة, يعد سببا أساسيا من أسباب العنف ضد المرأة.
3- الأسباب التربوية إذ قد تكون أسس التربية العنيفة التي نشأ عليها الفرد هي التي تولد لديه العنف وتجعله ضحية له حيث تشكل لديه شخصية وتائهة وغير واثقة مما يؤدي إلى جبر هذا الضعف في المستقبل بالعنف بحيث يستقوي على الأضعف منه وهي المرأة , فالعنف يولد العنف.
4- العادات والتقاليد إذ هناك أفكار وتقاليد متجذرة في ثقافات الكثيرين والتي تحمل في طياتها الرؤية الجاهلية لتمييز الذكر على الأنثى مما يؤدي إلى تصغير وتضئيل الأنثى ودورها وفي المقابل تكبير دور الذكر حيث يعطى الحق دائما للمجتمع ألذكوري للهيمنة والسلطنة وممارسة العنف على الأنثى منذ الصغر وتعويد الأنثى على تقبل ذلك وتحمله والرضوخ إليه إذ أنها لا تحمل ذنبا سوى إنها ولدت أنثى.
ولا يخفى ما لوسائل الإعلام من دور يسهم في تدعيم هذا التمييز وتقبل أنماط من العنف ضد المرأة في البرامج التي تبث واستغلالها بشكل غير سليم.
إن النظرة القيمية الخاطئة التي لا ترى أهلية حقيقية وكاملة للمرأة كانسان كاملة الإنسانية حقا وواجبا , هو ما يؤسس لحياة تقوم على التهميش والاحتقار للمرأة وبالتالي للعنف ضدها.
5- الأسباب البيئية فالمشكلات البيئية التي تضغط على الإنسان كالازدحام وضعف الخدمات ومشكلة السكن وزيادة عدد السكان و..... , فضلا عما تسببه البيئة من احباطات للفرد إذ لا تساعده على تحقيق ذاته والنجاح فيها كتوفير العمل المناسب للشباب, كل ذلك يدفعه دفعا نحو العنف ليؤدي إلى انفجاره على من هو اضعف منه إلا وهي المرأة.
6- الأسباب الاقتصادية, فالخلل المادي الذي يواجهه الفرد أو الأسرة والتضخم الاقتصادي الذي ينعكس على المستوى المعيشي لكل من الفرد أو الجماعة حيث يكون من الصعب الحصول على لقمة العيش والحياة الكريمة التي تحفظ للفرد كرامته الإنسانية , تعد من المشكلات الاقتصادية التي تضغط على الآخر لان يكون عنيفا ويصب جام غضبه على المرأة.
فضلا عن ذلك مفهوم النفقة الاقتصادية التي تكون للرجل على المرأة وانه من يعول المرأة لذا فانه يعطي لنفسه الحق بتعنيفها وذلك عبر إذلالها وتصغيرها من هذه الناحية. ومن جهة أخرى تقبّل المرأة ذاتها لهذا العنف لأنها لا تتمكن من إعالة نفسها أو إعالة أولادها.
إن ثقل الأزمات الاقتصادية الخانقة وما تفرزه من عنف عام بسبب التضخم والفقر والبطالة والحاجة جعلت من العامل الاقتصادي يحتل 45% من حالات العنف ضد المرأة.
7- عنف الحكومات والسلطات ,إذ تأخذ الأسباب نطاقا أوسع ودائرة اكبر عندما يصبح العنف بيد السلطات العليا الحاكمة وذلك بسن القوانين التي تعنّف المرأة أو تأييد القوانين وحمايتها لمن يقوم بالعنف ضدها أو عدم نصرتها عندما تمد يدها لطلب العون منهم وإنصافها ضد من يمارس العنف ضدها.
8- الاستبداد السياسي المانع من تطور المجتمع ككل والذي يقف حجر عثرة أمام البناء العصري للدولة والسلطة, فضلا عن انتفاء الديمقراطية بما تعنيه من حكم القانون والمؤسسات والتعددية واحترام وقبول الآخر كثقافة والية تحكم المجتمع والدولة بحيث تكون قادرة على احترام مواطنيها وتنميتهم وحمايتهم.
9- تداعيات الحروب الكارثية وما تخلقه من ثقافة للعنف وشيوع للقتل وتجاوز لحقوق الإنسان وبما تفرزه من نتائج مدمرة للاقتصاد والأمن والتماسك والسلام الاجتماعي.[19]
وتبين الدراسات والبحوث التي أجريت عن أسباب العنف ضد المرأة في المجتمع العراقي منذ حرب الخليج الأولى وحتى الآن بأنها تنحصر بالاتي:
حالات الحرب, الانهيار الأخلاقي, غياب القيم, العوز الاقتصادي, زيادة نسبة الإناث على الذكور. كل هذه العوامل وغيرها أدى إلى زيادة هائلة في حالات الطلاق , إذ بين مصدر قضائي إن مجموع دعاوى الطلاق للعامين الماضيين (2005 و 2006) بلغ أكثر من (250) ألف دعوى.
ونقلت صحيفة المشرق العراقية عن القاضي عبد الله نوري الالوسي القاضي في محكمة الأحوال الشخصية في الكرخ – بغداد إن عام 2004 شهد نحو (161718) دعوى طلاق في حين بلغت هذه الدعاوى في سنة 2005 (145444) يقابلها (313753) حالة زواج عام 2004 و(342211) حالة زواج عام 2005.
وأوضح الالوسي إن نسبة الإقبال على الزواج ازدادت بنسبة ضئيلة نظرا للظروف الراهنة ولكن نسبة الطلاق ازدادت بمعدل الثلثين وأوعز الالوسي ذلك إلى ما ذكرناه أعلاه من أسباب.
أما القاضي كاظم محمد شهدت القاضي في محكمة استئناف بغداد فقد بين أن الأشهر الأخيرة شهدت زيادة في حالات الطلاق بين المتزوجين وقد عزى ذلك إلى الظروف الاقتصادية الصعبة وانتشار البطالة وفقدان فرص العمل التي عدّها العامل الرئيس الذي يؤثر سلبا في دخل العائلة اليومي.
إلا أن ابرز أسباب الطلاق التي حدثت على مدى عام ونصف مضى كانت ذات طابع طائفي أو عرقي نتيجة التهجير , وهذه أسباب غير معلنة إذ كشفت مصادر موثوقة في محكمة الأحوال الشخصية الخاصة بالزواج والطلاق في الموصل عن تصاعد نسبة الطلاق بشكل غير متوقع خلال العامين المنصرمين نتيجة التوتر الطائفي والعراقي الذي يمر به البلد ولأسباب غير مقنعة يصعب على الزوجين حلها إلا بعد اتخاذهما قرار الطلاق الذي طالما غاب بعض الشيء خلال السنوات العشر الماضية في مدينة الموصل.
وتشير إحصائيات لعام 2006 إلى حسم (179) قضية طلاق داخل محكمة الموصل لأسباب منها شخصية ومنها طائفية وأسباب خاصة بالتوتر الأمني أيضا بينما تضاعف العدد خلال العام الحالي 2007 إلى (202) دعوى طلاق محسومة لغاية 15 / 6 / 2007 علما بان محكمة الأحوال الشخصية في مدينة الموصل سجلت أعلى نسبة في قضايا الطلاق حسبما أفاد به مصدر مسؤول من وزارة العدل خلال العامين الآخرين.
وقال القاضي محمد جليل إدريس من محكمة الأحوال الشخصية في محاكم الموصل ان سبب ارتفاع حالات الطلاق يعود إلى تردي الأوضاع الأمنية المتدهورة في العراق بشكل عام والموصل بشكل خاص.... وهناك أيضا ارتفاع في حسم دعاوي الطلاق من نوع خاص شهدتها مدينة الموصل وهو الطلاق على الهوية أو الطلاق بسبب البغض الطائفي والقومي أحيانا أو نتيجة الهجرة المغصوب عليها ما بين الأزواج من الذين لم يجدوا من حل سوى الانفصال أو الطلاق الذي تسجل يوميا في هذه المحكمة من (3- 5) حالة أو أكثر للطلاق مقابل حالة زواج واحدة لكل يوم أو يومين.
إن من أهم النتائج المدمرة لتبني الحكومات والمجتمعات لسياسة العنف ضد المرأة تتجسد بالاتي:-
- تدمير آدمية المرأة وإنسانيتها.
- فقدان الثقة بالنفس والقدرات الذاتية للمرأة كإنسانة.
- التدهور العام في الدور والوظيفة الاجتماعية والوطنية.
- عدم الشعور بالأمان.
- عدم القدرة على تربية الأطفال وتنشئتهم بشكل تربوي سليم.
- التدهور الصحي الذي قد يصل إلى حد العاقة الدائمة.
- بغض المرأة للرجال مما يولد تأزما في بناء الحياة الواجب نهوضها على تعاونهما المشترك.
- الابتعاد عن الزواج مما يولد فشل المؤسسة الزوجية من خلال تفشي حالات الطلاق والتفكك الأسري وهذا يولد انعكاسا سلبيا على الأطفال من خلال التدهور الصحي للطفل والحرمان من النوم وفقدان التركيز كذلك الخوف والغضب وعدم الثقة بالنفس والقلق وعدم احترام الذات وهذا كله سيفقد الطفل إحساسه بالطفولة.فضلا عن الاكتئاب والإحباط والعزلة وفقدان الأصدقاء وآثار سلوكية مدمّرة من قبيل استسهال العدوان وتبني العنف ضد الآخر وبناء شخصية مهزوزة في التعامل مع الآخرين ونمو القابلية على الانحراف[20].
الـتـوصـيـات
التوصيات النابعة من هذه الدراسة هي مفتاح المضي قدما في عملية القضاء على العنف ضد المرأة. هذه التوصيات مترابطة وضرورية لاتخاذ منهاج فعال وشامل لإنهاء العنف ضد المرأة.
1-ضمان احترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية كافة وحمايتها, وهذا يقودنا إلى الدعوة إلى التصديق ومن دون تحفظات على المواثيق الخاصة بحقوق الإنسان كافة لاسيما المتعلقة بحقوق المرأة.
2-العمل الجاد والهادف على ضمان معرفة النساء كافة لحقوقهن وتمكينهن من المطالبة بتوفيرها وتعزيزها وممارستها لها . ولكي يتحقق هذا الأمر فلا بد من تثقيف الجميع , رجالاً ونساءاً أولاداً وبناتاً , على موضوع حقوق الإنسان للمرأة ومسؤولياتهم عن احترام حقوق الآخرين. كما لابد من تعزيز ضمان وصول المرأة إلى العدالة بطرقها كافة, والسعي لتحقيق المساواة في حماية القانون, وضمان أن لا يتمتع مرتكبو العنف ضد المرأة بفرصة الإفلات من العقاب.
3-تعزيز ونشر ثقافة الجندر على كافة المستويات وفي مؤسسات الدولة كافة لضمان أن لا تؤدي السياسات الاجتماعية والاقتصادية بما في ذلك التخطيط الإنمائي إلى إدامة العنف ضد المرأة وزيادة حدته وإنما يأخذ اتجاهاً ومنحاً آخر وهو منع العنف ضد المرأة والقضاء عليه. مع ضرورة التأكيد والتركيز على الاستفادة من خبرات النساء وتجاربهن مع العنف.
4-أن لا ترتكب الحكومة أعمال عنف ضد المرأة بأي شكل من الأشكال , وان تضمن عدم ارتكاب أي من ممثليها لمثل هذه الأعمال, بما في ذلك اتخاذ التدابير العقابية أو التأديبية ضدهم وتحاكم جميع مرتكبيه وتعاقبهم أيا كانوا, وان يكون لها دور فاعل وقوي في إنهاء العنف ضد المرأة وان تضمن إجراء عملية المساءلة عن كل حوادث العنف,وتتخذ خطوات فاعلة ومؤثرة في القضاء على جميع الممارسات المؤسساتية والمجتمعية التي تعزز العنف أو تبرره أو تتغاضى عنه.
5-جعل القوانين والسياسات والممارسات الوطنية تتفق مع الالتزامات الدولية, وهذا يتطلب إلغاء كافة التشريعات التي تتضمن تمييزا ضد المرأة وضمان أن تتفق التشريعات الوطنية مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
6-تخصيص تشريع يعالج مشكلة العنف ضد المرأة بجميع أشكاله.
7-وضع خطط وبرامج عمل تتابعها الحكومة وتحدّثها بانتظام, وبالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني لاسيما المنظمات غير الحكومية والشبكات والحركات النسائية.
8-تعزيز كفاءة جميع الموظفين في النظام القانوني والعدالة الجنائية ونظام الصحة في تلبية احتياجات الضحايا الناجيات وضمان حقوقهن, وذلك عن طريق التدريب وغيره من برامج بناء القدرات وتطوير المهارات.
9-وضع إستراتيجية جديدة للنهوض بالمرأة تأخذ في اعتبارها المتغيرات الجديدة وتستفيد من الخبرات الدولية وتؤكد دعم وتعزيز ثقافة التكافوء والمساواة ومناهضة التمييز ونبذ العنف. والحرص على إيجاد آلية وطنية ذات مستوى عال من القدرة على اتخاذ القرارات والقدرة على التنسيق لتنفيذ الإستراتيجية ومتابعة معوقات تنفيذها ويكون كل ذلك بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني الفاعلة.
10-العمل سريعا على إقامة نظام معلومات شامل عن المرأة بالتعاون ما بين الجهاز المركزي للإحصاء والمنظمات الدولية والوطنية ذات الصلة مع ضمان إتاحة المعلومات المتحصلة من جمع البيانات وتحليلها للجمهور وضمان العمل بها مع الحفاظ على كتمان هوية النساء احترام حقوق الإنسان للمرأة وعدم إلحاق الضرر بهن.
11- إنشاء مركز وطني للدراسات الخاصة بالمرأة وبما ييسر إجراء دراسات متكاملة وذات نفع عن المرأة ومتابعة أحوالها ورصد المظاهر السلبية والايجابية التي تطرأ على وضعها.
12- إيجاد آليات مناسبة لحماية المرأة من العنف بصوره المتعددة على سبيل المثال تسهيل اتصال الضحايا من النساء بمراكز للحماية رسمية وطوعية.
13- العناية بموضوع الأمن الإنساني للمرأة بجوانبه كافة لاسيما فيما يتعلق بمنع ومعاقبة حالات الاتجار بالنساء أو إجبارهن على ممارسة أعمال البغاء والدعارة أو أية أعمال ضارة ومهينة للكرامة أو استغلالها كموضوع أو كرمز جنسي أو تعريضها للقتل والعقوبات الصارمة خارج إطار الشرعية القانونية مع التأكيد على مراجعة التشريعات النافذة وإزالة كل ما تتضمنه من نصوص تشكل عنفا ضد المرأة وكذلك تشريع قوانين جديدة لسد النقص التشريعي الذي يواجه العديد من مظاهر العنف التي تتعرض لها المرأة, مع التأكيد على تفعيل النصوص التشريعية التي تتضمن حماية للمرأة من أشكال العنف.
14- تخصيص بنود في ميزانية الدولة خاصة بمعالجة وتطوير وتنمية وضع وواقع المرأة العراقية بما يحقق القضاء على التمييز والعنف الممارس ضد المرأة, وتخصيص مشاريع تنموية وتحقق لها الأمن والاستقرار على كافة الصعد, وهذا الأمر بحد ذاته يسترعي إرادة سياسية هادفة وحقيقية للنهوض بواقع المرأة وتنمية وتطوير قدراتها.
15- التوعية والتثقيف بحقوق الإنسان عامة وبحقوق المرأة خاصة وعلى نطاق واسع مع مراعاة أن يجاور ذلك برامج نشر الثقافة القانونية والقضاء على الأمية القانونية داخل المجتمع العراقي بشكل عام. ولا بد من التركيز على المرأة في ذلك , إذ على المرأة معرفة حقوقها وكيفية الدفاع عنها وإيصال صوتها وشكواها إلى الجهات القضائية وغير القضائية المعنية وبالوسائل كافة وعدم التسامح أو السكوت عن سلب هذه الحقوق , ويهدف من كل ذلك إلى صنع كيان واعي ومستقل لوجودها في المجتمع وليس مجرد تابع لغيرها.
16- تشجيع عمل المنظمات غير الحكومية لاسيما التي تعنى بشؤون المرأة وتهيئة الوسائل المناسبة للتعاون ما بينها وما بين المؤسسات الحكومية للتنسيق معها.
17- تدريب موظفي الشؤون القضائية والقانونية والطبية والاجتماعية ورجال الشرطة والقوات المسلحة وموظفي شؤون الهجرة على حقوق المرأة بشكل خاص وحقوق الإنسان بشكل عام وبالمواضيع التي لها علاقة بذلك لتفادي التعسف في السلطة الذي يفضي إلى انتهاك حقوق المرأة وتوعية هؤلاء الموظفين بطابع هذه الانتهاكات لاسيما القائمة على أساس الجنس ضمانا لمعاملة النساء الضحايا معاملة منصفة وكذلك لزيادة الوعي بهذه الحقوق.
18- توفير مؤسسات إنصاف وتأهيل ومراكز إيواء للنساء المتعرضات لانتهاك لحقوقهن بأي شكل من أشكال الانتهاك, فضلا عن تقديم الخدمات الطبية والنفسية والقانونية وغيرها مجانا وتقديم أية مساعدة أخرى تقتضيها حالة المرأة الضحية.
19 - حث الحكومة على الالتزام بمواعيد تقديم التقارير الدورية الخاصة بمدى التزام العراق بتطبيق اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة ومناقشة هذه التقارير مع الجهات الدولية والاستعانة بالخبراء وذوي الاختصاص في إعدادها وتقبل المساعدات الاستشارات الدولية للنهوض بواقع المرأة العراقية وتعزيز حقوقها وحرياتها واحترامها.

[1]- تقرير الأمين العام- الجمعية العامة–الأمم المتحدة– دراسة متعمقة بشأن جميع أشكال العنف ضد المرأةA/61/122/Add .1- 6 July 2006- P. 18
[2] - ينظر فيما تقدم : تقرير الأمين العام – المصدر السابق – ص 18 وما بعدها.
[3] - اعتمدته 189 دولة – العراق من ضمنها – في المؤتمر العالمي الرابع المعني بالمرأة في 1995.
[4] - لمزيد من التفاصيل ينظر التقرير المشار إليه – ص 19 وما بعدها.
[5] - بحث منشور على الانترنت موقع الحوار المتمدن www . rezgar.com
[6] - بغداد (37,8%) والبصرة (10,2%) و النجف (5,6%) و السليمانية (9,8%) و اربيل (8,8%) و نينوى (13,8%) و بابل (4,6%) وذي قار (9,3%) . وكانت نسبة الإناث (54,4%) والذكور (45,6).
[7] - أخبار العراق – شبكة عالم العراق الإخبارية – 3 / 10 / 2007 – المصدر / وكالات.
[8] - منظمة حرية المرأة
[9] - اللجنة النسائية المعنية باللاجئين من النساء والأطفال – اللاجئون العراقيون من النساء والشباب في الأردن – طبع في الولايات المتحدة الأمريكية – أيلول / 2007 – www.womenscommision.org – ص 6
[10] - جمعية الأمل العراقية – مصدر سابق.
[11] - وكالة المعلومات والتحقيقات الوطنية – تجارة الرقيق في العراق – سري للغاية – بدون تاريخ – مسحوب رونيو.
[12] - ينظر فيما تقدم: وكالة المعلومات والتحقيقات الوطنية – تجارة الرقيق في العراق – سري للغاية – بدون تاريخ – مسحوب رونيو. كذلك ينظر تقرير حقوق الإنسان الصادر عن بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق للمدة 1/نيسان – 30/حزيران / 2007- ص 23.
[13] - القاضية رجاء عبد الزهرة – الحماية القانونية للطفل – بحث مقدم لنيل الصنف الثاني من أصناف القضاة – 1991 – ص 61. إلا أن مشروع قانون العقوبات العراقي الجديد الذي تم إعداده من قبل لجنة تم تشكيلها في وزارة العدل ضمن خطة إصلاح النظام القانوني – 1985 – ولم ينفذ إلى الآن. وقد تم تلافي هذا القصور بتخصيص نصوص خاصة بمعالجة جرائم الرق (المتاجرة بالأشخاص) وهما المادتان (404و 405) ضمن الفصل الثالث منه.
[14] - اللجنة النسائية المعنية باللاجئين من النساء والأطفال – مصدر سابق – ص 6.
[15] - ينظر في كل ما تقدم :- فلاح الالوسي – الاتجار بالنساء ودعارة الغير – دراسة ميدانية أجريت في سنة 2007 - منشورة على الموقع www.telskuf.com/articles.asp
[16] - فيما يتعلق بالوضع في العراق ينظر الفصل الخاص بحقوق الإنسان للمرأة من هذه الدراسة.
[17] - ينظر في كل ما تقدم: تقرير الأمين العام – المصدر السابق – ص 49 وما بعدها و منظمة العفو الدولية – فضيحة عالمية – بحث منشور على الانترنت – www.amnesty.org
[18] - لمزيد من التفاصيل عن هذا الموضوع ينظر: تقرير الأمين العام – المصدر السابق – ص 64 وما بعدها.
[19] - العنف ضد المرأة ..الأسباب والعلاج – مجلة بشرى – العدد 77- www.bshra.com و حسين درويش العادلي – العنف ضد المرأة الأسباب والنتائج – www.annabaa.org
[20] - حسين درويش العادلي – مصدر سابق.