سمو المحاماة ورفعتها

يولد المحامي محامياً
أما القاضي فتصنعه الأيام إن وظيفة المحامي تتطلب من العبقرية والخيال أكثر مما تطلبه وظيفة القاضي إذ لاشك أن التوفيق إلى استنباط الحجج القوية المؤثرة في الدعوى أصعب فنياً من مجرد اختيار الحجج المناسبة المقدمة من الطرفين لتأسيس الحكم عليها .
من كتاب(قضاة و محامون) نقيب محامي روما "بييرو كالمندري"
آخر الأخبار

2019-08-18

لماذا لا يوجد لائحة تفسيريه لقانون المحاماة



قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 عند صدوره وحتي الأن لا يوجد لائحة تفسيريه له أو مذكرة تفسيريه لنصوصه علماً بان هذا القانون تم تعديله سابقا بالقانون رقم 197 لسنة 2008 ثم التعديل الأخير القانون رقم 147 لسنة 2019 ورغم صدور تعديلات لقانون المحاماة إلا وانه لم يوجد له لائحة تفسيريه فهل نقابه المحامين عاجزة عن وضع لائحة تفسيريه لقانون المحاماة ؟ الإجابة لا لان نقابه المحامين من النقابات العريقة في المحاماة علي مستوي الدول العربية بل وان من ضمن أعضاء الجمعية العمومية لنقابه المحامين المصرية أساتذة محامين أجلاء قاموا بتعديل بعض الدساتير في العالم العربي فنحن أمام إشكاليه كبري وهي عدم وجود لائحة تفسيريه لقانون المحاماة فمثلاً المادة 98 من قانون المحاماة نصت علي :-
كل محام يخالف أحكام هذا القانون أو النظام الداخلي للنقابة أو يخل بواجبات مهنته أو يقوم بعمل ينال من شرف المهنة أو يتصرف تصرفاً شائناً يحط من قدر المهنة يجازى بإحدى العقوبات التأديبية التالية:
1 ـ الإنذار.
2 ـ اللوم.
3 ـ المنع من مزاولة المهنة.
4 ـ محو الاسم نهائياً من الجدول.
ويجب ألا تتجاوز عقوبة المنع من مزاولة المهنة ثلاث سنوات ولا يترتب على محو الاسم نهائياً من الجدول المساس بالمعاش المستحق."
هذا هو النص القانوني والسؤال هنا والذي يطرح نفسه ما هي حالات الإنذار للمحامي وما هي حالات اللوم وما هي حالات المنع من مزاوله المهنة وما هي حالات محو الاسم نهائياً فهذه الحالات لابد من وجود لائحة تفسيريه لها وان أطلاقها علي العموم وإدخالها كسلطة تقديريه وجوازيه للمحكمة التأديبية يعتبر من قبيل الأخلال بالعدالة القضائية ومن الممكن ان تكون تعسف في العقاب ضد المحامي فان وجود اللائحة التفسيرية لقانون المحاماة سيكون الطريق الأمثل لتطبيق قانون المحاماة وان اطلاق القانون دون وجود تفسير له يعتبر من قبيل التعسف والانحراف به
ثم نأتي الي نص المادة 107 ، 116 من قانون المحاماة والتي قضت المحكمة الدستورية العليا في حكم حديث لها بعدم دستوريتهما حيث سارت حيثيات حكم المحكمة الدستورية العليا في الطعن رقم 160 لسنة 33 ق جلسه 2 / 3 / 2019 علي الاتي بيانه :-
تنص المادة 107 على أن "يكون تأديب المحامين من اختصاص مجلس يشكل من رئيس محكمة استئناف القاهرة أو من ينوب عنه ومن اثنين من مستشاري المحكمة المذكورة تعينهما جمعيتها العمومية كل سنة ومن عضوين من أعضاء مجلس النقابة يختار أحدهما المحامي المرفوعة عليه الدعوى التأديبية ويختار الآخر مجلس النقابة".
وتنص المادة 116 على أن "للنيابة العامة وللمحامي المحكوم عليه حق الطعن في القرارات الصادرة من مجلس التأديب المنصوص عليه في المادة (107) وذلك خلال خمسة عشر يومًا بالنسبة إلى النيابة من تاريخ صدور القرار وبالنسبة إلى المحامي من تاريخ إعلانه بالقرار أو تسلمه صورته".
ويفصل في هذا الطعن مجلس يؤلف من أربعة من مستشاري محكمة النقض تعينهم جمعيتها العمومية كل سنة ومن النقيب أو وكيل النقابة وعضوين من مجلس النقابة وللمحامي الذي رفعت عليه الدعوى التأديبية أن يختار أحد هذين العضوين ولا يجوز أن يشترك في المجلس أحد أعضاء مجلس التأديب الذي أصدر القرار المطعون عليه، والقرار الصادر يكون نهائيًّا".
فقد سردت المحكمة الدستورية العليا قضائها استنادًا إلى أن أحكامها تواترت على أن استقلال السلطة القضائية المنصوص عليه في المادة (184) من الدستور وإن كان لازمًا لضمان موضوعية الخضوع للقانون ولحصول من يلوذون بها على الترضية القضائية التي يطلبونها عند وقوع عدوان على حقوقهم وحرياتهم إلا أن حيدتها عنصر فاعل في صون رسالتها لا تقل شأنًا عن استقلالها بما يؤكد تكاملهما أن استقلال السلطة القضائية يعني أن تعمل بعيدًا عن أشكال التأثير التي توهن عزائم رجالها فيميلون معها عن الحق إغواءً وإرغامًا ترغيبًا وترهيبًا فإذا كان انصرافهم عن إنفاذ الحق تحاملاً من جانبهم على أحد الخصوم وانحيازًا لغيره كان ذلك منافيًا لضمانة التحرر عند الفصل في الخصومة القضائية ولحقيقة أن العمل القضائي لا يجوز أن يثير ظلالاً قاتمة حول حيدته فلا يطمئن إليه متقاضون داخلهم الريب فيه بعد أن صار نائيًا عن القيم الرفيعة للوظيفة القضائية.
وأن ما يؤيد ذلك إعلان المبادئ الأساسية في شأن استقلال القضاء التي تبنتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بقراريها الصادرين في 29/1/1985، 13/12/1985 حيث يؤكد بوضوح أن المنازعات التي تدخل في اختصاص السلطة القضائية ينبغي الفصل فيها بطريقة محايدة وعلى ضوء وقائعها ووفقًا لحكم القانون بشأنها مع تجرد قضاتها من عوامل التأثر أو التحريض وكذلك من كل صور الضغوط أو التهديد أو التدخل غير المشروع مباشرًا كان أم غير مباشر وأيًّا كان مصدرها أو سببها.
كما أن استقلال السلطة القضائية وحيدتها ضمانتان تنصبان معًا على إدارة العدالة بما يكفل فعاليتها وهما بذلك متلازمتان وإذا جـاز القول وهو صحيح بأن الخصومة القضائية لا يستقيم الفصل فيها حقًّا وعدلاً إذا خالطتها عوامل تؤثر في موضوعية القرار الصادر بشأنها فقد صار أمرًا مقضيًّا أن تتعادل ضمانتا استقلال السلطة القضائية وحيدتها في مجال اتصالهما بالفصل في الحقوق انتصافًا لتكون لهما معًا القيمة الدستورية ذاتها فلا تعلو إحداهما على أخراهما أو تجبها بل تتضامنان تكاملاً وتتكافآن قدرًا.
وأن ضمانة الفصل إنصافًا في المنازعات على اختلافها وفق نص المادة (96) من الدستور تمتد بالضرورة إلى كل خصومة قضائية أيًّا كانت طبيعة موضوعها جنائيًّا كان أم مدنيًّا أو تأديبيًّا إذ أن التحقيق في هذه الخصومات وحسمها إنما يتعين إسناده إلى جهة قضاء أو هيئة قضائية منحها القانون اختصاص الفصل فيها بعد أن كفل استقلالها وحيدتها وأحاط الحكم الصادر فيها بضمانات التقاضي التي يندرج تحتها حق كل خصم في عرض دعواه وطرح أدلتها والرد على ما يعارضها على ضوء فرص يتكافأ أطرافها ليكون تشكيلها وقواعد تنظيمها وطبيعة النظم المعمول بها أمامها وكيفية تطبيقها عملاً محددًا للعدالة مفهومًا تقدميًّا يلتئم مع المقاييس المعاصرة للدول المتحضرة.
وحيث إن الفصل في الدعوى التأديبية المقامة ضد المدعى باعتباره محاميًا معقود بنصي المادتين (107، 116) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 لمجلس تأديب المحامين بدرجتيه باعتباره هيئة ذات اختصاص قضائي على نحو ما تقدم يشارك فيه أعضاء من مجلس نقابة المحامين الذي يدخل ضمن الجهات التي لها الحق طبقًا لنص المادة (102) منه في طلب رفع هذه الدعوى وهي الحالة التي تنطبق في شأن المدعى وكان الأصل ألا يشارك في المحاكمة التأديبية من طلب إقامتها أو سبق أن جال ببصره فيها إذ يجمع هؤلاء الأعضاء بذلك بين سلطتي الاتهام والمحاكمة بما يخل بضمانة الحيدة التي لا يجوز إسقاطها عن أحد المتقاضين لتسعهم جميعًا على تباينهم فمن ثم يضحى نصا المادتين (107) و(116) في حدود النطاق المتقدم مخالفين لأحكام المواد (92، 94، 96، 97، 184، 186) من الدستور.
وهذه هي حيثيات حكم المحكمة الدستورية العليا إلا وإنني أري ان هذا الحكم هو حكم خطير قد عصف ببعض نصوص مواد قانون المحاماة وجعلها كالعصف المأكول إلا وان هذا الحكم قد أضاء الطريق من ناحيتين الناحية الأولي وهي الغاء قانون المحاماة والعمل علي وجود قانون جديد للمحاماة يتواكب مع الأجيال القادمة ويتواكب مع القوانين وانا أؤيد هذه الناحية لان عضو الجمعية العمومية لنقابه المحامين لا يشغله كم عدد أعضاء مجلس النقابة ولا يشغله مسألة الجمعية العمومية العادية والغير عاديه وطرق الطعن علي الانتخابات بقدر ما يشغله حصانته وهو يقوم بواجبات الدفاع وما هي الضمانات للقيام بواجبه الأمثل باعتباره شخص مستقل لا يخضع لجهة حكومية أو قطاع خاص وهو مبدا استقلاليه مهنة المحاماة كما ان عضو الجمعية العمومية يهتم بالمعاش الذي سيصرف له بعد أداء مهامه وواجباته نحو المهنة ونصوص المواد التي تحمي حقه في المعاش ومقداره وكذلك الرعاية الصحية له والرعاية الاجتماعية كما ان قانون المحاماة سواء القديم أو التعديلات التي تمت عليه اين نصوص القانونية في كيفيه حساب عضو مجلس النقابة الذي أخطئ أو تقاعس في القيام بواجباته والتي تم انتخابه عليه فانا أري انه لابد من عمل قانون محاماة جديد يتوافق مع هذا العصر والعصور القادمة حتي نخلق جيلاً قويا من المحامين يستلم رايه المحاماة شامخة عالية .
الناحية الثانية وهي وجود لائحة تفسيريه لقانون المحاماة فقد آن الأوان ان يكون هناك لائحة تفسيريه لقانون المحاماة لان التعديلات الأخيرة علي قانون المحاماة ستحدث أزمات أمام القضاء وعلي سبيل المثال وليس الحصر نص المادة 231 من قانون المحاماة الجديد والذي نص علي :- " يكون للأكاديمية مجلس إدارة يتولى إدارة أعمالها لمدة اربع سنوات برئاسة النقيب وعضوية اثني عشر عضواً يختارهم مجلس النقابة العامة ويجوز ان يعين في مجلس الإدارة أربعه أعضاء علي الأكثر من أعضاء مجلس النقابة العامة "
فهذا النص يحتاج الي تفسير هل مدة الأربع سنوات مرتبطة بمدة مجلس نقابه المحامين وفي حاله خلو منصب نقيب المحامين لأي سبب من الأسباب من سيكون رئيس الأكاديمية وما هي المعايير في اختيار الثمانية أعضاء في مجلس الإدارة فهذا النص مع العلم إنني أول شخص من ناديت بأكاديمية المحاماة ولكن ليست بهذا الشكل فان النص اصبح فارغاً عندما نص في شقه الثاني بكلمه " ضوابط القبول " أي انه جعل الأكاديمية في وضع الخصوصية وليست العموم لأنه من المفترض ان تكون الأكاديمية هي لعوام المحامين المشتغلين وايضاً للمحامين حديثي القيد في النقابة فان ذكر لفظ ضوابط القبول تعتبر بمثابه وضع قيد علي المحامي للالتحاق بالأكاديمية وهذا يعتبر مخالف لنص المادة 230 من ذات القانون لان نص المادة 230 من قانون المحاماة تحدثت علي عموم المحامين وليس الخاص منهم واستثنت منها القيد بالجدول العام باعتباره استثناء من القاعدة العمومية ثم يأتي ويضع لفظ ضوابط فاذا كان الاستثناء من القاعدة تم النص عليه في المادة 230 فلماذا يتم لفظ الضوابط للقبول في نص المادة 231 وكأنه قيد سيتم الإعلان عنه للقبول بالأكاديمية ولذلك فلابد من وضع لائحة تفسيريه لقانون المحاماة وأناشد السيد النقيب العام بعمل لائحة تفسيريه لقانون المحاماة حتي لا يتم تفسير أي نص من النصوص القانون بمفاهيم ومدارس اخري في القانون مما يحدث نوعاً من الصدام وفقا لتفسير كل شخص لنص المادة حسبما راه .
واعتذر علي الإطالة في هذه المقالة رغم ان هذا الموضوع يحتاج الحديث عنه في كثير من الوريقات .
بقلم
اشرف طلبه
المحامي