سمو المحاماة ورفعتها

يولد المحامي محامياً
أما القاضي فتصنعه الأيام إن وظيفة المحامي تتطلب من العبقرية والخيال أكثر مما تطلبه وظيفة القاضي إذ لاشك أن التوفيق إلى استنباط الحجج القوية المؤثرة في الدعوى أصعب فنياً من مجرد اختيار الحجج المناسبة المقدمة من الطرفين لتأسيس الحكم عليها .
من كتاب(قضاة و محامون) نقيب محامي روما "بييرو كالمندري"
آخر الأخبار

2017-06-01

المحاماة والضريبة المضافة



طالعتنا خلال الأيام السابقة أزمة جديدة بين المحامين والحكومة وهي صدور قانون الضريبة المضافة وإلحاح الحكومة بان المحامين خاضعين للضريبة المضافة وفقا للبند 12 من الجدول المرفق بالقانون تحت عنوان الخدمات المهنية والاستشارية وقد عانيت في البحث عن مفهوم الخدمات المهنية والاستشارية فوجدت أن المقصود بها هي الخدمات التي تحتاج إلي تقنيه وأدوات ولابد أن يكون لديها قائمة للتسعيرة مثل المطاعم السياحية والمقاولين ومكاتب الاستشارية الهندسية وكذلك الأطباء فلا يوجد ما يفيد بان مهنه المحاماة خدمه مهنيه فبمراجعه القوانين وجد أن الدستور اقر بان المحاماة تشارك السلطة القضائية وبمراجعه قانون المحاماة وجد أن المحاماة مهنة حرة تقدم خدمات عامه الأمر الذي يتضح منه بان مهنه المحاماة ليست من الخدمات المهنية أو الاستشارية لان المحامي يقوم بأعمال محاماة ورغم انتماء نقابه المحامين إلي النقابات المهنية إلا وأنها تخرج من كونها تؤدي خدمات مهنيه إلي أنها تؤدي خدمه عامة ومهنه حرة .
فالمحاماة وفقا للمواثيق الدولية والأعراف الدولية رسالة وهي رسالة العدل والدفاع عن الحق ضد الظلم إلا وان الحكومة تري إخضاع المحامين للضريبة المضافة الجديدة وبمراجعه هذا القانون وجد انه قانون الغي قانون رقم 11 لسنة 1991 الخاص بالضريبة العامة علي المبيعات أي أن القانون الجديد ما هو إلا قانون خاص بالتجارة فقط  أما قانون المحاماة يمنع أن يزاول المحامي مهنه التجارة فمحاوله إخضاع مهنة المحاماة إلي قانون الضريبة المضافة فقد فقدت المحاماة رسالتها أولا وأصبحت المحاماة سلعه تباع وتشتري .
فالحقيقة أن فرض هذه الضريبة علي مهنة المحاماة فان المسئول عن دفع هذه الضريبة هو المواطن المتقاضي فإذا كانت الدولة تريد التيسير للمتقاضين وسرعه الفصل في القضايا المتأخرة فان فرض الضريبة المضافة يمثل عبء ثقيل علي المتقاضي فاغلبيه المحامين في مصر يتولون قضايا مواطنين فقراء للحصول علي حقهم المسلوب فهذا المواطن الفقير إذا كان يريد حقه وذلك بإلزامه بأداء هذه الضريبة في دفعها مع إلزامه بالأتعاب الخاصة بالمحامي مع الرسوم القضائية ودمغه المحاماة ودمغه الخدمات الصحية للقضاة فان ذلك كله سيؤثر بالسلب عليه بل قد يرفض المواطن هذه الضريبة والرسوم ويلجأ إلي اخذ حقه بالقوة الأمر الذي سيؤدي إلي انتشار شريعة الغاب وان كل شخص سلب منه حقه فبدلا من أن يتحمل نفقات كثيرة في التقاضي فسوف يلجأ إلي الحصول علي حقه بالقوة الأمر الذي يشكل خطرا محدقا لا يحمد عقباه مستقبلا .
والأمر الغريب في قانون الضريبة المضافة الجديدة بأنه رفع النسبة من 10 % إلي 13 % أي نسبه 3 % فقط فنجد جميع الشركات المحمول وجميع البضائع والتجار يقومون بفرض الضريبة وكأنها ضريبة جديدة لم يعلموا عنها شيء فبدءوا في تطبيقها علما بان هذه الشركات والتجار في القانون السابق كانوا يقومون بدفع نسبه 10 % ولم يشعر المواطن بها وبعد زيادة 3 % قامت الشركات والتجار بتحميلها دفعه واحدة علي جميع المواطنين الأمر الذي يكشف وبكل تأكيد والذي لا  يحمل الشك بان هذه الشركات والتجار كانوا يتهربون من أداء ضريبة المبيعات السابقة فلماذا لم تقم الدولة باتخاذ كافه الإجراءات القانونية ضدهم وإهدارهم مليارات الجنيهات علي الشعب المصري فمثلا قانون ضريبة العامة علي المبيعات الذي تم إلغائه بالقانون الجديد كان يلزم التجار والشركات بأداء ضريبة 10 % شهريا عن جميع المنتجات والسلع التي تقدمها وكان كارت الشحن العشرة جنيهات بنفس الثمن والقانون الجديد رفع النسبة من 10 % إلي 13 % أي زيادة 3 % فقط فقامت الشركات الآن بجعل كارت الشحن العشرة جنيهات بأحدي عشر جنيها أي أنها طبقت الضريبة المضافة الجديدة كأول مرة تطبقها وكذلك أيضا التجار الأمر الذي يتضح منه بان الشركات والتجار سابقا كانوا يمتنعون عن أداء ضريبة المبيعات وإهدار مليارات الجنيهات علي الشعب المصري علما بان القانون القديم للمبيعات كانت هناك عقوبات رادعه فمن المسئول عن ذلك هل الحكومة أم أن هناك أطراف أخري لا يعلم عنهم إلا الله سبحانه وتعالي .
والأغرب الآن أن الحكومة تسير في منحي بإلزام المحامين بدفع هذه الضريبة والتي تعتبر للتجار بحجة أن المحامين  يقومون بخدمات مهنيه فالتبس عليهم الأمر علي اعتبار أن نقابه المحامين تتبع النقابات المهنية فأنها تقدم خدمات مهنيه ونسوا أن المحاماة مهنه حرة تشارك السلطة القضائية ورسالة لتحقيق العدل .
فهل سيخرج علينا المشرع باللائحة التفسيرية للقانون ويخضع المحامين لهذا القانون الخاص بالتجار أم سيخرج علينا بان القضايا العقارية وتأسيس الشركات تخضع للضريبة دون سواها ؟؟ أم سيقوم بوضع منظومة وهي أن المحامي يقوم بدفع مبلغ حد ادني مائه جنيه شهريا علي اعتبار أن مكتبه يقيم دعوي واحدة في الشهر بقيمه ألف جنيه ويدفع المحامي 1200 جنيه سنويا للضريبة المضافة ويأتي في أخر العام إلي الضرائب المهن الحرة ويدفع مبلغ 700 جنيه علي أساس أن دخله في العام اثني عشر ألفا مخصوما منهم حد الإعفاء خمسه ألاف جنيه والباقي سبعه ألاف جنيه يقوم بدفع نسبه 10 % منهم كضريبة دخل ؟؟؟
فأيا كان السيناريو المطروح في الفترة القادمة فان الضريبة المضافة علي مهنه المحاماة افقدها رسالتها وجعلها سلعه تباع وتشتري وخلق جو جديد وهو شريعة الغاب في الحصول علي الحق للتكاليف الباهظة في التقاضي .
بقلم
اشرف طلبه
المحامي